-->

الحجز عل رصيد الحساب بالاطلاع لدى البنك





امحمد لفروجي
استاذ بكلية الحقوق، بالرباط السويسي



غني عن البيان ان تقييد كل دين في
الحساب بالاطلاع يؤدي الى نشوء رصيد جديد لهذا الحساب بعد اندماج الدين المقيد مع
الديون السابقة له في التقييد، وان هذ الرصيد الجديد قد يتغير بدوره اثر دخول دين
اخر في الحساب، مما يجعله رصيدا مؤقتا، سواء من حيث مبلغه او من حيث كونه دائنا او
مدينا بالنسبة لاحد الطرفين في مواجهة الطرف الاخر1.



هذا، ولما كان من حق صاحب الحساب
بالاطلاع ان يتصرف بحسب رغبته في الرصيد المؤقت لهذا الحساب كلما كان دائنا
لفائدته، فان المنطق القانوني السليم يقتضي ان يكون كذلك من حق احد دائني صاحب هذا
الحساب توقيع الحجز على نفس الرصيد المؤقت لاستيفاء حقوقه منه. فلذلك اذا لم يفت
المشرع المغربي، وهو يقرر بمقتضى الفقرة الاولى من المادة 500 من مدونة التجارة
احقية الشخص المفتوح باسمه الحساب بالاطلاع في التصرف في الرصيد المؤقت لهذا
الحساب، ان يؤكد بموجب الفقرة الثانية من هذه المادة على ان هذا الرصيد يكون
قابلا للحجز من طرف أي واحد من دائني هذا الشخص.



ومما يلاحظ على صياغة الفقرة الثانية من
المادة 500 من مدونة التجارة ان المشرع المغربي قد تبنى المفهوم السليم للحجز الذي
يوقعه لدى البنك احد او كل دائني صاحب الحساب بالاطلاع. فقد جرى القول في هذا
الصدد، على اكثر من لسان، على كون الحجز يتم توقيعه على الحساب في حين ان الامر
ليس كذلك، فالذي يقبل الحجز هوالرصيد الدائن لفائدة الزبون الذي تسفر عنه عملية
حصر او تجميد الحساب من تاريخ اجراء الحجز بين يد البنك ماسك الحساب.



وجدير بالذكر ان هناك العديد من
الاشكالات التي يطرحها الحجز لدى الغير بصفة عامة والحجز على رصيد الحساب
البكي بصفة خاصة، ذلك ان هناك تضاربا في مواقف الفقه والقضاء من واقعة ثبوت
الدين المؤسس عليه الحجز على رصيد الحساب، كما ان هناك فراغا تشريعيا فيما يخص
كيفات تحديد وعاء هذا الحجز بعد توقيعه من طرف الدائن المعني بالامر، وذلك
بالاضافة الى بعض الحالات الخاصة كحالة الحساب المسجلة فيه مبالغ مالية لا تقبل
الحجز بحكم القانون وحالة الحساب موضوع امر بالاقتطاع الدائم وغير القابل للرجوع
فيه او للالغاء.



واقعة ثبوت الدين المؤسس عليه الحجز على
رصيد الحساب بالاطلاع.

من المعلوم ان الحجز على رصيد الحساب
بالاطلاع، بين يدي البنك كمحجوز لديه، يعد حجزا لما للمدين لدى الغير، وذلك لكون
المبالغ المالية المراد حجزها لا توجد بين يدي صاحب الحساب البنكي، وانما توجد لدى
المؤسسة البنكية المفتوح لديها هذا الحساب.

وعلى هذا الاساس، يحق لدائن صاحب الحساب
البنكي ان يسلك مسطرة حجز ما للمدين لدى الغير المنظمة، كما هو معلوم بمقتضى المادة
488 وما بعدها من قانون المسطرة المدنية المغربي، هذه المادة التي تنص في فقرتها
الاولى على انه "يمكن لكل دائن ذاتي او اعتباري، يتوفر على دين ثابت، اجراء
حجز بين يدي الغير باذن من القاضي على مبالغ ومستندات لمدينه والتعرض على تسليمها
له".



غير ان ما يستفاد من من مقتضيات المادة
488 السالفة الذكر ان هناك شروطا معينة يجب ان تتوفر في الدين الذي يمكن على اسسه
بايقاع الحجز لدى الغير. ومن اهم هذه الشروط ان يكون الدين المعني بالامر ثابتا
ومؤكدا او مستحقا وذلك بصرف النظر عما اذا كان هذا الدين عاديا او مضمونا برهن
على منقول او على عقار او مقرونا بامتياز من الامتيازات التي يقررها القانون.

ومما يترتب على ذلك ان عدم ثبوت الدين
يكون حائلا دون ايقاع الحجز على رصيد الحساب بالاطلاع بين يدي البنك. فاذا وقع ان
تم اجراء هذا الحجز بفعل قيام الدائن باستصدار امر مبني على طلب لهذا الغرض طبقا
لاحكام المادة 148 من مسطرة قانون المسطرة المدنية، يكون من حق صاحب الحساب
المحجوز على رصيده ان يطلب من رئيس المحكمة التجارية، بصفته قاضي المستعجلات، ان
يصدر امرا برفع الحجز مادام ان واقعة ثبوث الدين، المتطلبة كشرط لاجراء حجز ما
للمدين لدى الغير وفقا لمقتضيات المادة 488 من قانون المسطرة المدنية، غير متوفرة
في النازلة.





ففي نظرنا انه يتعين على الدائن، في
حالة عدم ثبوث دينه في مواجهة صاحب الحساب بالاطلاع، ان يسلك مسطرة الحجز التحفظي
المنظمة بمقتضى المادة 452 وما يليها من قانون المسطرة المدنية وليس مسطرة حجز ما
للمدين لدى الغير المنظمة، كما راينا آنفا، بموجب المادة 488 وما بعدها من هذا
القانون2.



وهكذا، فبعد استصدار الدائن لامر يقضي
بالحجز التحفظي في اطار المادة 452 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على انه
"يصدر الامر المبني على الطلب بالحجز التحفظي من رئيس المحكمة الابتدائية،
ويحدد هذا الامر، ولو على وجه التقريب، مبلغ الدين الذي رخص الحجز بسببه. ويبلغ
هذا الامر وينفذ دون تاخير2
يقوم عون كتابة الضبط بتبليغ هذا الامر الى المؤسسة البنكية التي تمسك حساب المدين
الصادر ضده امر بالحجز التحفظي، مما يترتب عليه الزام هذه المؤسسة بان لا تتخلى
على رصيد هذا الحساب الا باذن من القضاء وذلك تحت طائلة قيام مسؤولياتها عن
الاخلال بالواجب الملقى على كاهلها بهذا الخصوص.



ففي هذا الاطار، تنص المادة 456 من
قانون المسطرة المدنية على انه "اذا كانت المنقولات او العقارات المملوكة
للمنفذ عليه الصادرة ضده الامر بالحجز التحفظي، في حوزة الغير، بلغ عون التنفيذ
لهذا الاخير الامر وسلمه نسخة منه. ويترتب عن ذلك الامر اعتبار الغير حارسا
للمنقول او العقار المحجوز عدا اذا اختار تسليمه الى العون. ويلزمه (اي الغير) تحت
مسؤوليته الشخصية ان لا يتخلى عنه (المنقول او العقار المحجوز) الا باذن من
القضاء".



ويبدو ان الفرق القائم بين مسطرة حجز ما
للمدين لدى الغير وبين مسطرة الحجز التحفظي يعد السبب الرئيسي في تضارب مواقف
الفقه والقضاء من مدى ضرورة ثبوت الدين الذي بسببه يتم ايقاع الحجز على رصيد
الحساب بالاطلاع بين يدي البنك. فالملاحظ انه يتم تارة، ابان البت في طلب الحجز
على هذا الرصيد، التشبت بضرورة ان يكون الدين ثابتا ومؤكدا كما تقتضي ذلك المادة
488 من قانون المسطرة المدنية المتعلقة بحجز ما للمدين لدى الغير، في حين يتم تارة
اخرى الاكتفاء باحتمال وجود الدين كما توحي بذلك المادة 452 من هذا القانون
المتعلقة بالحجز التحفظي.





وفي راينا انه كلما كان الحجز على رصيد
الحساب بالاطلاع بين يدي البنك مؤسسا على امر صادر بناء على مقتضيات المادة 452
من قانون المسطرة المدنية، فانه يعتبر حجزا تحفظيا ويكون بالتالي جائزا حتى ولو
كان الدين الذي اجري بسببه غير ثابت، كما لو كان محل نزاع او موضوع حكم مطعون فيه
بالاستئناف. ذلك انه لا يشترط في هذه الحالة ان يكون الدين ثابتا ومؤكدا او مستحقا
كما هو الشان بالنسبة لما تقتضيه المادة 488 من قانون المسطرة المدنية المتعلقة
بحجز ما للمدين لدى الغير3.



وخلافا لذلك، فكلما تم تاسيس طلب الحجز
على مقتضيات المادة 488 من قانون المسطرة المدنية، فانه يعد حجزا لما للمدين لدى
الغير، مما يجعل ايقاعه على رصيد الحساب بين يدي البنك غير جائز اذا لم يكن الدين
المحجوز بسببه ثابتا ومؤكدا او مستحقا.





فمسطرة حجز ما للمدين لدى الغير تتميز،
كما سبق ان راينا، عن مسطر الحجز التحفظي بكونها تتبع بمرحلة التصديق على الحجز
وفقا لاحكام المادة 494 من قانون المسطرة المدنية وذلك بطبيعة الحالة بعد سلوك
الاجراءات المنصوص عليها في المادة 492 من هذا القانون، مما قد ينتج عنه ان لا يتم
الاتفاق على توزيع المبالغ المحجوزة لدى الغير مادام ان الدين، الذي اسس عليه
الحجز، غير ثابت.



ويلاحظ، فيما يخص موقف المحاكم
التجارية بالمغرب من الشروط الواجب توفرها في الدين الذي بسببه يتم طلب اجراء
الحجز على رصيد الحساب البنكي بين يدي البنك، ان هناك بعض المحاكم من طبقت مقتضيات
المادة 488 من قانون المسطرة المدنية تطبيقا سليما في نظرنا، كما هو الشان مثلا
بالنسبة للامر الصادر عن رئيس المحكمة التجارية بمراكش بتاريخ 26 يناير 1999،
والذي قضى برفع حجز ما للمدين لدى الغير الواقع على رصيد الحساب البنكي بين يدي
المؤسسة البنكية التي تمسك هذا الحساب، حيث تم تعليل الامر المذكور بان الدين الذي
بسببه وقع الحجز غير ثابت مادام انه يستند في اساسه الى حكم مستانف امام محكمة
الاستيناف بمراكش4.



كما يلاحظ ايضا ان هناك بعض المحاكم
التجارية الاخرى التي استندت، بكيفية غير سليمة في نظرنا، على احكام المادة 452 من
قانون المسطرة المدنية، المتعلقة بالحجز التحفظي، للحكم برفض الطلب الرامي الى رفع
الحجز الموقع على رصيد الحساب البنكي وذلك بالرغم من ان هذ الحجز، الذي تم اجراؤه
بناء على المادة 488 من القانون المذكور المتعلقة بحجز ما للمدين لدى الغير، مؤسس
على دين غير ثابت لانه موضوع حكم لا يزال في طور الاستئناف5.



كيفيات تحديد وعاء الحجز على رصيد
الحساب بالاطلاع :

ان ما يعاب على المشرع في هذا المضمار
انه وقف، بما اورده في المادة 500 من مدونة التجارة، عند حد تقريره صراحة قابلية
الرصيد المؤقت في الحساب بالاطلاع للحجز من طرف دائني الزبون





صاحب هذا الكتاب من دون اعطاء اية اشارة
لكيفيات اعمال هذا المبدا الذي يهم من حيث مداه مؤسسة قانونية هامة، الا وهو
الحساب البنكي، الذي تتقاطع في تنظيمه العديد من القواعد القانونية وتتجادبه مصالح
متضاربة ومختلفة، ولا ادل على ذلك ان مبدا الحجز على رصيد الحساب الجاري لا يزال،
منذ تقريره لاول مرة في صورته الحالية من طرف محكمة النقض الفرنسية6، موضع اهتمام بالغ من لدن الفقه والقضاء في فرنسا بسبب
تعداد الجوانب القانونية والاقتصادية التي تحيط بتطبيقه على ارض الواقع7 .



وعلى العكس من ذلك، فان موقف كل من
المشرع الليبي ونظيره التونسي من مسالة الحجز على الرصيد المؤقت للحساب الجاري
المفتوح لدى البنك كان اكثر دقة من موقف المشرع المغربي من هذه المسالة.



فالمادة 207 من القانون الليبي المتعلق
بالاجراءات المدنية تنص على انه "اذا اوقع دائن احد المتعاقدين في الحساب
الجاري حجزا على ما قد يؤول من رصيد لصالح مدينه، فلا يجوز للمتعاقد الثاني ان يمس
حقوق ذلك الدائن بدفعات جديدة، ولا تعد في حكم الدفعات الجديدة تلك الدفعات التي
تجرى نتيجة لحقوق نشات قبل الحجز، ويجب على المتعاقد الذي اوقع الحجز او الضبط على
حسابه الجاري ان يشعر المتعاقد الاخر بذلك، ويجوز لكليهما التحلل من العقد".



اما بالنسبة للقانون التونسي، فانه ينص
في هذا الاطار في مادته 739 على انه "يجوز الحجز على الحساب الجاري في كل وقت
على المركز الدائن لهذا الحساب وذلك باتباع الاجراءات التي تقضي بها القواعد
العامة. ولا يضر هذا الحجز بالحقوق التي قد تكون للطرف الاخر في الحساب بمقتضى
اشتراط يسلب الطرف المدين حرية التصرف في كل وقت في مبلغ رصيده الدائن".





ومع ذلك فان عدم ادراج المشرع المغربي
في مدونة التجارة مقتضيات خاصة، تتعلق بتحديد نطاق الحجز على الرصيد المؤقت للحساب
بالاطلاع، لا يمنع من ان يتم تحديد هذا النطاق على ضوء القواعد العامة المتعلقة
بالحجز لدى الغير والقواعد التي تحكم عملية تشغيل هذا الحساب مع ما يجرى في اطاره
من معاملات متبادلة.



وهكذا، فابتداء من تاريخ توقيع الحجز
على الرصيد المؤقت للحساب بالاطلاع، يتعين على المؤسسة البنكية التي تمسكه ان تعمل
على تجميده
Blocage وعدم تقييد عمليات جديدة فيه يكون من شان
تقييدها ان يؤدي الى تعديل مبلغ هذا الرصيد، ذلك انه لا يحق لصاحب الحساب بالاطلاع
باعتباره محجوزا عليه ان يتصرف، منذ تاريخ الحجز، في الرصيد المؤقت لحسابه عن طريق
سحب مبالغ مالية منه او اصدار شيكات او اوامر تحويل عليه، وتكون المؤسسة البنكية
المحجوز لديها مسؤولة اتجاه الدائن الحاجز عن كل ضرر يلحقه من جراء سماحها
لزبونها المعني بالامر بالتصرف في رصيد حسابه بعد اخطارها بالحجز.



ولما كان الغير المحجوز لديه ملزما،
بمقتضى الفقرة الثالثة من المادة 494 من قانون المسطرة المدنية المغربي، بان يدلي
للمحكمة بتصريح ايجابي يبين فيه ماله وما عليه من حقوق تجاه المحجوز عليه، فان
المؤسسة البنكية تكون بعد الحجز لديها على الرصيد المؤقت للحساب بالاطلاع ملزمة
بدورها بالتصريح بوضعية هذا الحساب بما في ذلك ان اقتضى الحال الديون المجسلة الى
الجانب المؤجل سواء كانت من جهتها هي ام من جهة الزبون صاحب الحساب8.

وتاسيسا عن ذلك، يلاحظ ان توقيع الحجز
على الرصيد المؤقت للحساب بالاطلاع لا يؤدي حتما الى اقفال هذا الاخير خلافا لما
ذهب اليه جانب من القضاء المستعجل9.

فكل ما هنالك ان الحساب المعني بالامر
يتجمد ابتداء من تاريخ الحجز ولكن لا يتم اقفاله.





ومن تم، فان الوضع يقتضي والحالة هذه ان
يعمل البنك بوصفه محجوزا لديه على تسجيل العمليات، اللاحقة لاخطاره بالحجز، في
كشف جديد او في حساب مكرر
Compte bis في انتظار تحديد الرصيد
المؤقت للحساب عن طريق تصفية العمليات الجارية يوم توقيع الحجز .



وبعبارة اخرى، فان تحديد نطاق الحق
المحجوز لفائدة الدائن الحاجز على الرصيد المؤقت للحساب بالاطلاع يستلزم بالضرورة
اجراء تصفية للعمليات الجارية، وقت الحجز، بين البنك والزبون صاحب هذا الحساب. ذلك
ان ناتج هذه التصفية هو الذي يشكل الرصيد المؤقت المستهدف بالحجز، الامر الذي
يستدعي التمييز بين العمليات الجارية التي تكون دائنة من جانب المدين المحجوز عليه
وبين تلك التي تكون مدينة من جانبه.



فبالنسبة للعمليات الجارية الدائنة من
جانب صاحب الحساب بالاطلاع، ينبغي التاكيد على ان ما تمثله من ديون يدخل في الرصيد
المشمول بالحجز كلما كان تاريخ اجراء هذه العمليات سابقا لتاريخ توقيع الحجز. من
ذلك مثلا ان المدفوعات في الحساب. التي تتم بواسطة تسليم الزبون للبنك شيكات او
كمبيالات قصد استخلاصها وفقا لمقتضيات المادة 502 من مدونة التجارة، يشملها وعاء
الحجز اذا ما كان تسليم هذه الشيكات او الكمبيالات قد وقع قبل تاريخ الحجز، وذلك
بصرف النظر عن كون الاستخلاص قد تم بعد هذا التاريخ10.



وخلافا لذلك، فان الدفوعات، التي يكون
أساسها او مصدرها او الواقعة المنشئة لها لاحقا لتاريخ الحجز، لا تدخل في الحق
المشمول بهذا الحجز. ذلك ان حق الدائن الحاجز لا ينصب على الحساب بالاطلاع في حد
ذاته وما يتم فيه من عمليات دائنة ومدينة من جانب صاحبه طيلة الفترة التي يظل فيها
مفتوحا، وانما ينصب فقط على الرصيد المؤقت لهذا الحساب الموجود يوم اخطار البنك
بذلك كما تؤكد عليه الفقرة الثانية من المادة 500 من مدونة التجارة.



اما بالنسبة للعمليات الجارية المدينة
من جانب الزبون صاحب الحساب بالاطلاع، فتجدر الاشارة الى انه كلما كان اساس هذه
العميات او مصدرها او التصرف المنشئ لها سابقا لتاريخ توقيع الحجز، فان الديون
التي تمثلها تؤدى لاحقا من الرصيد المؤقت الظاهر في هذا التاريخ ولو نتج عن ذلك
تخفيض مبلغ هذا الرصيد.





فاذا اصدر صاحب الحساب بالاطلاع شيكا
قبل الحجز على رصيده بهذا الحساب، فان وفاء هذا الشيك يتم من الرصيد المؤقت الناشئ
يوم الحجز من دون ان يكون من حق الدائن الحاجز ان يعترض على هذا الوفاء، فكما هو
معلوم، فالحق على الرصيد يكون قد تقرر هذه الحالة، لفائدة المستفيد من الشيك، قبل
توقيع الحجز، وذلك تطبيقا للقاعدة المتعارف عليها والتي مؤداها ان رصيد الشيك
ينتقل من ذمة الساحب الى ذمة المستفيد من تاريخ اصدار هذا الشيك وليس من تاريخ
تقديمه للوفاء11.



اضف الى ذلك ان حقوق البنك ازاء صاحب
الحساب بالاطلاع الناشئة قبل تاريخ توقيع الحجز تؤدى ايضا من الرصيد المؤقت
الموجود في هذا التاريخ. فقد يقع مثلا ان تسجل المؤسسة البنكية، قبل الحجز بطبيعة
الحال، في الجانب الدائن لحساب زبونها المحجوز عليه دينا ناتجا عن ورقة تجارية
سلمها اياها من اجل الاستخلاص في اطار مقتضيات المادة 502 من مدونة التجارة
المذكورة سلفا، مما يجعل هذه المؤسسة محقة، في حالة عدم وفاء الورقة التجارية
المعنية بالامر من طرف المدين الرئيسي، في ان تسجل ولو بعد توقيع الحجز قيدا عكسيا
في الجانب المدين لحساب الزبون المذكور بقيمة هذه الورقة التجارية التي لم يتم
وفاؤها.



كما يحق كذلك للمؤسسة البنكية ان تجري
قيدا عكسيا بقيمة الورقة التجارية التي خصمتها لصاحب الحساب بالاطلاع، قبل اخطارها
بالحجز على الرصيد المؤقت لهذا الحساب، اذا لم يتسن لها استيفاء هذه القيمة من
المدين الرئيسي بعد هذا

الاخطار.





. فالحجز على رصيد الحساب بالاطلاع لا
يمنع المؤسسة البنكية من اجراء قيود عكسية

Des Contrepassation في مديونية حساب زبونها
بقيمة ما سجلته في دائنية هذا الاخير من ديون ناتجة عن اوراق تجارية سلمت اليها في
اطار عملية الخصم12 فكما سبق ان راينا آنفا،
فالحساب بالاطلاع يستند حسب المادتين 493 و498 من مدونة التجارة الى قاعدة مؤداها
ان حقوق المؤسسة البنكية في مواجهة صاحب هذا الحساب تكون مضمونة بما لهذا الاخير
من حقوق على هذه المؤسسة، مما يسمح لهذه الاخير ان تحتج بذلك على الدائن الحاجز
الذي يعتبر من الناحية القانونية خلفا خاصا للزبون المحجوز عليه13.



وهكذا اذن يلاحظ من خلال ما سلف ذكره ان
الرصيد المؤقت للحساب بالاطلاع قد يتغير بالزيادة او بالنقصان نتيجة تصفية
العمليات الجارية التي نشات قبل تاريخ توقيع الحجزعلى هذا الرصيد ولكنها لم تدخل
في الحساب او لم تخرج منه الا بعد هذا التاريخ. مما يدعو الى التساؤل حول المدة
التي تتم فيها تصفية هذه العمليات واستقرار حقوق الاطراف المعنية بالامر في مثل
هذه الحالة، أي البنك وزبونه صاحب الحساب بالاطلاع ودائن هذا الاخير.



يجب الاعتراف بهذا الخصوص ان هذه المسالة
لا تخلو من صعوبة بفعل سكوت القانون بصددها. ذلك ان القول بتحديد مدة قصيرة لتصفية
العمليات يوم توقيع الحجز، سواء كانت دائنة او مدينة من جانب صاحب الحساب بوصفه
المجوز عليه، من شانه ان يؤدي الى تضرر احد الاطراف الثلاثة المذكورة سلفا من جراء
عدم دخول بعض الديون في الحساب او عدم خروجها منه بالرغم من كونها ناشئة قبل تاريخ
الحجز. كما ان القول بعدم تحديد أي مدة لذلك على الاطلاق قد يؤدي بدوره الى تضرر
الدائن الحاجز من جراء التاخر في استيفاء الرصيد المحجوز او بفعل خروج ديون من هذا
الرصيد.



على انه اذا كان التشريع المغربي لا
يتضمن أي نص صريح يحدد مدة تصفية العمليات الجارية يوم توقيع الحجز على الرصيد
المؤقت للحساب بالاطلاع، فان التشريع الفرنسي قد عمل خلافا لذك على تحديد المدة
التي يجب ان تتم من خلالها تصفية عمليات من هذا القبيل. فبناء على المادة 47 من
القانون الفرنسي الصادر في 9 يوليوز 1991، المتعلق بالمساطر المدنية للتنفيذ، يظل
رصيد الحساب الجاري المفتوح لدى البنك، طيلة مدة 15 يوما من تاريخ الحجز، قابلا
للتغير اما بالزيادة او بالنقصان بفعل تسجيل بعض العمليات المحددة على سبيل الحصر
كلما كانت نشاتها سابقة لهذا التاريخ
.





وترتفع هذه المدة الى شهر واحد اذا تعلق
الامر بالقيد العكسي للاورق التجارية غير المؤداة التي سبق للبنك ان خصمها، لصالح
صاحب الحساب الجاري، قبل الحجز14.

وفي نظرنا ان تحديد مدة تصفية العمليات
الجارية، يوم توقيع الحجز على الرصيد المؤقت للحساب بالاطلاع من طرف احد دائني
صاحب هذا الحساب، في 60 يوما تبتدئ من تاريخ اخطار البنك الماسك الحساب بالحجز
يكفي لاتمام الاجراءات اللازمة في ظل القانون المغربي لدخول الديون، التي تمثل هذه
العمليات، في الحساب او خروجها منه، لاسيما وان اغلبية هذه الاجراءات تباشر من طرف
البنك المحجوز لديه، مما يكون له من الوقت ما يسمح له بالقيام بها.



اضف الى ذلك ان مدة 60 يوما تعادل اجل
تقديم الشيك للوفاء اذا كان صادرا خارج المغرب ومستحق الوفاء به، الامر الذي من
شانه ان يحول دون تضررالمستفيد من هذا الشيك في حالة اصداره قبل الحجز على الرصيد
المؤقت لحساب الساحب15.



وتجدر الاشارة الى ان وصف الحساب
بالاطلاع بكونه فرديا او جماعيا ليس له أي اثر على صحة الحجز الذي يتم توقيعه على
الرصيد المؤقت. فكما هو الشان بالنسبة لما رايناه بخصوص احقية الدائن في الحجز على
رصيد الحساب الفردي يمكن لدائن احد الشركاء في الحساب بالاطلاع الجماعي توقيع
الحجز على حصة هذا الشريك في الرصيد المؤقت للحساب الجماعي. مما يقتضي تجميد
الحساب في هذه الحالة لتصفية العمليات الجارية وتحديد حقوق المدين المحجوز عليه
التي تشكل وعاء الحجز، وذلك بطبيعة الحال بعد تبليغ كل واحد من الشركاء الاخرين في
الحساب بالحجز الذي اوقعه دائن احدهم على الرصيد المؤقت لهذا الحساب 16
.



الوضع بالنسبة لرصيد الحساب بالاطلاع
المتكون من مبالغ غير قابلة للحجز.

لما كان الدين يفقد، كما سبقت الاشارة
الى ذلك في حينه، بمجرد تقييده في الحساب بالاطلاع صفاته المميزة وذاتيته الخاصة
تطبيقا لاحكام المادة 498 من مدونة التجارة، فان السؤال يطرح حول ما اذا كانت صفة
عدم القابلية للحجز
l'insaisissabilté التي يضفيها القانون على بعض
الديون لطبيعتها الاجتماعية، قد تزول نتيجة دخول هذه الديون في الحساب بالاطلاع
واندماجها مع باقي الديون الاخرى المقيدة فيه.



ولعل خير مثال على ذلك يتجلى في رواتب
الموظفين، فالجاري به العمل ان يتم تحويل هذه الرواتب الى الحسابات الشخصية
لاصحابها المفتوحة لدى مختلف البنوك في شكل حسابات بالاطلاع، مما يثير التساؤل عما
اذا كان من شانه عدم جواز الحجز على رواتب الموظف، الا في الحدود التي يعينها
القانون في هذا الاطار، ان يسري على الرصيد المؤقت للحساب بالاطلاع المحول اليه
هذا الراتب.



الواقع اننا لم نعثر. فيما اطلعنا عليه
من احكام صادرة عن القضاء المغربي، على أي حكم يتعرض الى مسالة الحجز على راتب
الموظف بين يد البنك الذي يمسك حسابه البنكي، على ان ذلك لا يعني ان هذه المسالة
لم تناقش بتاتا من قبل القضاء، سواء على المستوى الوطني او على مستوى القضاء
الاجنبي.



وهكذا، فاذا كان المشرع الفرنسي قد تبنى
موقف القضاء17، من اشكالية الحجز على رصيد الحساب
البنكي الذي يدرج فيه رواتب الموظف، حينما نص على جواز ذلك صراحة في المادة 15 من
قانون 9 يوليوز 1991 المتعلق بالمساطر المدنية للتنفيذ المشار اليه اعلاه والمواد
من 44 الى 46 من مرسوم 31 دجنبر 1992 المتعلق بتطبيق هذا القانون، فان القضاء
المصري له بعض المواقف من هذه المسالة.



فمما ورد في احد الاحكام الصادرة عن
القضاء المستعجل في مصر انه "يترتب عن تحويل الموظف او المستخدم او العامل
مرتبه على احد البنوك ان يفقد هذا المرتب صفته القانونية اذ يعتبر بمثابة حساب لدى
البنك بما بجوز توقيع الحجز التنفيدي عليه18 .





وفي راينا انه يجب التمييز بين الحجز
على راتب الموظف لدى الخازن العام للمملكة

Trésorier général du royaume وبين الحجز لدى البنك على
الرصيد المؤقت للحساب بالاطلاع الذي يتم تحويل هذا الراتب اليه.



فبالنسبة للحالة الاولى، ينبغي التاكيد
على انه بالرغم من اعطاء الموظف امره لمصلحة صرف رواتب الموظفين بوزارة المالية
بتحويل راتبه بصفة مستمرة الى حسابه البنكي، فان ذلك ليس من شانه ان يحول دون احد
دائني الموظف المعني بالامر وتوقيع الحجز بين يد الخازن العام للمملكة على راتب
هذا الاخير، وذلك بطبيعة الحال في حدود الجزء من الراتب القابل للحجز قانونا.



اما فيما يتعلق بالحالة الثانية، فما
دام ان الحجز يهم الرصيد المؤقت للحساب بالاطلاع الذي يسجل فيه راتب الموظف ولا
يهم هذا الراتب في حد ذاته، فان المنطق القانوني السليم يقتضي تطبيق القواعد
المتعلقة بالحجز على هذا الرصيد، التي سبق ان استعرضناها، من دون ادنى اهتمام بتلك
القواعد المتعلقة بالحجز على رواتب الموظفين. ذلك ان من آثار تقييد دين في الحساب
بالاطلاع، ناتج عن تحويل راتب الموظف الى هذا الحساب المفتوح باسمه، ان يفقد هذ
الدين طبقا لمقتضيات المادة 498 من مدونة التجارة ذاتيته كراتب ليساهم بذلك، بعد
اندماجه مع الديون الاخرى المقيدة في الحساب وتقاصه مع حقوق البنك على الموظف، في
نشوء رصيد مؤقت للحساب يمكن لاي واحد من دائني هذا الموظف ان يوقع علية الحجز
بوصفه رصيدا مؤقتا لحساب بالاطلاع وليس بوصفه راتبا لموظف عمومي19.



ومع ذلك، فان هناك حالة يتعين لفت
الانتباه اليها وان كان الامر لا يتعلق بالحجز بمعناه المذكور سلفا، وهذه الحالة
هي التي يكون فيها البنك ماسك الحساب بالاطلاع هو الطرف الدائن للموظف صاحب هذا
الحساب. ذلك ان تحويل راتب الموظف الى حسابه البنكي لا يسمح للبنك المتوح لديه هذا
الحساب باستيفاء ما له من حقوق تجاه هذا الموظف من دون ادنى قيد او شرط، فالطابع
المعيشي الذي يكتسيه الراتب يفرض على المؤسسة البنكية، باعتبارها مؤسسة ائتمان لها
من الامكانيات المادية والبشرية والتقنية ما يسمح لها بتقدير الوضعية المالية
لزبنائها وتحديد قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم تجاهها، ان لا تتجاوز في تحديد
الاقساط الشهرية التي تقتطعها من راتب زبونها الموظف، تسديدا لمبلغ العملية
الائتمانية التي استفاد منها، الجزء الذي يقبل الحجز من رواتب الموظفين.





حالة الحساب البنكي موضوع امر بالاقتطاع
الدائم وغير القابل للرجوع فيه.

مما يجري به العمل في مجال الائتمان
الذي تقدمه البنوك وشركات التمويل الى مختلف الاشخاص الطبيعيين والمعنويين،
الراغبين في ذلك20، ان هذه المؤسسات مانحة
الائتمان غالبا ما تعمل على اخذ ضمانة
garantie من نوع خاص لاستيفاء
ديونها وتتمثل هذه الضمانة في اشتراط المؤسسة المعنية بالامر على الزبون المستفيد
من الائتمان ان يصدر لفائدتها امرا الى البنك الذي يمسك حسابه البكي وذلك من اجل
ان يقوم هذا الاخير بصفة دائمة وغير قابلة للالغاء، باقتطاع مبالغ معينة من رصيد
الحساب وتحويلها الى حساب المؤسسة المانحة للائتمان وفاء لديونها.



وتجدر الاشارة الى ان الامر بالاقتطاع
الدائم وغير القابل للالغاء
Ordre de prélèvement
permanent et irrévocable
يعمل به كضمانة وطريقة لوفاء الديون
الدورية التي يحل اجلها اما على راس كل سنة او كل نصف سنة او كل ثلاثة اشهر او كل
شهر، " كاقساط ديون مؤسسات الائتمان المجدول ادؤها على مدة زمنية قصيرة او
متوسطة او طويلة الامر او كوجيبات الكراء، سواء في ذلك الكراء في صورته العادية
او ذاك الذي يتم في في اطار الائتمان الايجاري21.



هذا وقد يطرح التساؤل حول ما اذا كانت
هناك فائدة من الحجز على رصيد الحساب البنكي وذلك في الحالة الذي يكون فيها هذا
الحساب موضوع امر بالاقتطاع دائم وغير قابل للالغاء. وبعبارة اخرى ، فهل يحق
للدائن الذي اوقع الحجز على رصيد الحساب بين يدي المؤسسة البنكية ان يستحوذ على
هذا الرصيد من اجل استيفاء دينه بالاسبقية على الدائن المستفيد من الامر بالاقتطاع
الدائم وغير القابل للالغاء؟





في نظرنا ان الامر بالاقتطاع، سواء كان
دائما ام لا وقابلا للالغاء ام لا 22، يعد من
العمليات الجارية في تاريخ ايقاع الحجز على رصيد الحساب البنكي وذلك كلما كان صدور
هذا الامر، الى المؤسسة البنكية الماسكة للحساب المحجوز على رصيده، سابقا لتاريخ
تبليغها بالامر القاضي بالحجز.



وتاسيسا على ذلك، فلا يمكن للدائن الذي
اوقع الحجز على رصيد حساب بنكي موضوع امر بالاقتطاع دائم وغير قابل للالغاء ان
يستفيد من هذا الحجز الا في حدود المبالغ المالية غير المشمولة بالامر بالاقتطاع
الصادر، الى المؤسسة البنكية ماسكة الحساب، من طرف صاحب هذا الحساب لفائدة دائن
اخر غير الدائن الحاجز.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



1 - ولمزيد من الاطلاع حول كيفيات وآثار
تقييد الديون في الحساب بالاطلاع، انظر امحمد لفروجي ـ العقود البنكية بين مدونة
التجارة والقانون البنكي ــ الطبعة الثانية ــ 2001 ــ مطبعة النجاح الجديدة ـ
الدار البيضاء ـ ص 95 وما بعدها.



2-
مع العلم ان المبالغ المالية تعد من الاموال المنقولة، هذه الاموال التي لم يضع
المشرع لها المشرع المغربي اي تعريف واي تعداد.

ومما يؤكد ذلك ايضا ان هذ المشرع قد
ادرج بشكل صريح النقود ضمن المنقولات. ففي معرض حديثه عن الحجز التنفيذي الواقع
على المنقولات، اورد في الفقرة الاولى من المادة 461 من قانون المسطرة المدنية ما
يلي :

"يمكن باستثناء النقود المسلمة
للعون المكلف بالتنفيذ ان تبقى الحيوانات والاشياء المحجوزة تحت حراسة المنفذ عليه
اذا وافق الدائن على ذلك او كان من شان طريقة اخرى غير هذه ان تتسبب في مصاريف
باهضة. ويمكن ايضا ان تسلم الى حارس بعد احصائها عند الاقتضاء."

وللمزيد من الاطلاع بخصوص نطاق الاموال
المنقولة، راجع :

ــ مامون الكزبري ــ التحفيظ العقاري ــ الجزء الاول ــ الحقوق
العينية الاصلية والتبعية ــ مطبعة النجاح الجديدة ــ الدار البيضاء ــ الطبعة
الثانية ــ 1987 ث 43 وما بعدها.

2- وتنص المادة 453 من قانون المسطرة
المدنية على انه :

"لا يترتب على الحجز التحفظي سوى
وضع يد القضاء على المنقولات والعقارات التي انصب عليها ومنع المدين من التصرف
فيها تصرفا يضر بدائنه. ويكون نتيجة لذلك تفويت تبرعا او بعوض مع وجود الحجز باطلا
وعديم الاثر".

كما تنص المادة 454 من ذات القانون على
انه :

"يبقى المحجوز عليه حائزا للاموال
الى ان يتحول الحجز التحفظي الى حجز آخر ما لم يؤمر بغير ذلك وما لم يعين حارس
قضائي. ويمكن له نتيجة لذلك ان ينتفع بها انتفاع الشخص الحريص على شؤون نفسه وان
يملك الثمار دون ان يكون له حق كرائها الا باذن من القضاء
.".



3- ومن خلال تتبعنا للعمل القضائي، فيما
يخص اعمال مقتضيات المادة 452 من قانون المسطرة المدنية المتعلقة بالحجز التحفظي،
نلاحظ ان هناك بعض الاوامر القضائية التي صدرت وفية لروح هذه المادة في نظرنا.

ومن ذلك مثلا :

ــ المحكمة الابتدائية بدرب السلطان
الفداء ـ امر صادر بتاريخ 15 يناير 1998 ـ ملف استعجالي عدد 168/98، منشور بمجلة
الحدث القانوني العدد 3 فبراير 1998 ص 19.

كما ان هناك بعض الاوامر القضائية
الاخرى التي لم تكن في نظرنا موفقة في تطبيقها لمقتضيات المادة 452 المذكورة ومن
ذلك مثلا :

ــ المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء
انفا ـ امر صادر بتاريخ 21-01-1998، ملف استعجالي عدد 98/24، منشور بمجلة الحدث
القانوني العدد 3 فبراير 1998 ص 18.



4- المحكمة التجارية بمراكش ـ امر رقم
99/9 صادر بتاريخ 26 يناير 1999 ـ ملف استعجالي عدد 98/100 ـ منشور بالمجلة
المغربية لقانون الاعمال ـ العدد الاول ـ ص 32 .

وبذلك، فنحن لا نتفق مع الاستاذ محمد
نخلي على ما اورده من افكار في تعليقه على الامر الاستعجالي المذكور. ذلك ان
الآراء الفقهية والقضائية التي استند اليها الاستاذ المعلق في ابداء رايه وتعزيزه
لهذا الراي لا تتعلق بحجز ما للمدين لدى الغير المنظم بموجب المادة 488 وما بعدها
من قانون المسطرة المدنية، وانما تتعلق بالحجز التحفظي المنظم بمقتضى المادة 452
وما بعدها من هذا القانون.

5- المحكمة التجارية بالدار البيضاء ـ
امر رقم 98/433 بتاريخ فاتح شتنبر 1998 ـ ملف استعجالي عدد1/98/418 غير منشور

6 -Cour de
cassation française-Arrêt commercial-24 juin 1959-RTD Com-1960-P128

7- بخصوص موقف الفقه والقضاء الفرنسيين من مسالة
الحجز على الرصيد المؤقت للحساب البنكي، انظر :

-Dellici-La Réfome des procédures
civiles d'exécutions
: son application aux opérations
de banque-Editions banque - paris - 1993 p 46.

Mouly-Procédures civiles d'exécution et droit banquaire -RTD.Civil n°
spécial-1993 P 65.

اضف الى ذلك ان المشرع الفرنسي قد وضع
مقتضيات خاصة بالحجز على الرصيد
المؤقت للحساب الجاري البنكي ابان مراجعته سنتي 1991 و1992
للقانون المتعلق بالمساطر المدنية للتنفيذ. راجع في هذا الصدد :

Vincent et prevault - voies d'exécution-édition Dalloz-Paris-1993 p 162
et suiv.



8- يجب التذكير باحكام المادة 502 من مدونة
التجارة المتعلقة بتسجيل الديون الناتجة عن الاوراق التجارية في الحساب بالاطلاع،
فهذه المادة تفترض ان هذا التسجيل لم يتم الا بعض التوصل بمقابل الورقة التجارية
من المدين الرئيسي، وبذلك، فالى غاية توصل البنك بهذا المقابل
يظل الدين الناتج عن
ورقة تجارية مسجلا في الجانب المؤجل من كشف الحساب ولا ينتقل الى جانبه الحال الا
بعد استخلاص الورقة التجارية المعنية بالامر من المدين.

9-
من ذلك مثلا ان احد الامور الاستعجالية ورد فيه انه :

" يمكن الحجز على الحساب الجاري (البنكي) شريطة
تاجيل مفعول هذا الحجز لغاية قفل الحساب وتحديد الرصيد الدائن
"

ــ المحكمة الابتدائية بالرباط ــ امر
استعجالي صادر بتاريخ 6 يوليوز 1997 ــ ملف عدد 898 ــ غير منشور.



10- لان القول بكون حق الدائن الحاجز يشمل جميع العمليات التي تدخل
الحساب بالاطلاع ابتداء من تاريخ توقيع الحجز من شانه ان يؤدي الى اقفال هذا
الحساب لتحديد الرصيد : الدائن لفائدة المدين المجوز عليه، فكما اشرنا الى ذاك
فيما تقدم، فالعمليات الدائنة من جانب صاحب الحساب تفقد بتقييدها في الحساب
بالاطلاع صفاتها المميزة وذاتيتها الخاصة وتتقاص بصورة تلقائية مع العمليات
المدينة من جانبه، الامر الذي ينتج عنه نشوء رصيد جديد دائن او مدين من جانب طرفي
الحساب بعد تقييد كل دين على حدة في هذا الاخير، ومن هنا، يتعين على الدائن الحاجز
الذي يريد ان يشمل حقه في الحجز جميع العمليات الدائنة، التي تخل الحساب من جانب
مدينه، الاتتظار الى غاية اقفال الحساب ومعرفة وضعية هذا المدين وما اذا كانت
عملية الاقفال ستفسر عن كونه دائنا او مدينا تجاه البنك الذي يمسك حسابه.



11- مع العلم ان تاريخ اصدار الشيك هو التاريخ
المدين فيه عند انشائه كما تنص على ذلك الفقرة الاخيرة من المادة 268 من مدونة
التجارة، وان الشيك الذي لا يحمل تاريخ انشائه يعد غير صحيح حسب المادة 240 من هذه
المدونة ولكنه قد يعد سندا عاديا اذا توفرت في شروط هذا السند. ويسري نفس الحكم
على بطاقات الاداء، حيث تخرج من الرصيد المحجوز حقوق اولئك الذين تم الاداء لهم
بواسطة هذه البطاقات قبل تاريخ توقيع الحجز حتى ولو لم تنفذ عملية الاداء من
الناحية الحسابية الا بعد هذا التاريخ.

هذا، وللمزيد من الاطلاع حول هذا
الموضوع، راجع :

امحمد لفروجي- الشيك واشكالاته
القانونية والعملية ــ الطبعة الاولى ــ 1999 ــ مطبعة النجاح الجديدة ــ الدار
البيضاء ص 140 وما بعدها.



12- بخصوص عملية الخصم l'escompte، راجع ما سنعرض اليه لاحقا في مجال الحديث عن
العقود البنكية المتعلقة

بالائتمان، وذلك في الباب الثاني
من هذا الكتاب.

13- انظر حول مبدا تخصيص جميع حقوق الطرفين في الحساب الجاري لضمان
الديون المترتبة عليهما بفعل تشغيل هذا

الحساب.

-J.L. Rives langue-La
Saisissabilité du compte courant - Dalloz -1974 P.102.



14- انظر للمزيد من الاطلاع هول هذا الموضوع :

- C.Gavalda
et J.Stoufflet-Droit bancaire… op.cit.-p.128

15- على اعتبار ان المستفيد الذي لا يقدم الشيك
للوفاء داخل اجل التقديم المنصوص عليه في المادة 268 من مدونة التجارة يعتبر حاملا
مهملا وعليه بذلك ان يتحمل نتائج اهماله اذا ما شمل الرصيد المحجوز مؤونة الشيك
الذي يحمله.

ومعلوم ان اجل تقديم الشيك للوفاء يختلف
بحسب ما اذا كان الشيك المستحق للوفاء، بالمغرب صادرا به ام خارجه، فاذا كان الشيك
صادرا بالمغرب ومستحق الوفاء، فان اجل التقديم هو 20 يوما، اما الشيك الصادر خارج
المغرب والمستحق الوفاء به، فان اجل تقديمه يتحدد في 60 يوما.

وتجدر الاشارة الى ان وصف الحساب
بالاطلاع بكونه

16- J.P.Deschanel-la Convention
du compte joint - Revue banque - 1982 p1229



17- Cour d'appel de
Lille-4décembre 1961
-Revue banque- 1962
P-855
.

18 - محكمة القاهرة - مستعجل جزئي - 29 اكتوبر 1952 - مجلة المحاماة - السنة 34 - ص 306.

اورد علي جمال الدين عوض ــ عمليات
البنوك من الوجهة القانونية ــ المرجع السابق ص 354.

وانظر كذلك بخصوص موقف الفقه المصري من
مسالة الحجز على رواتب الموظفين بين يدي البنك : عبد المنعم حسني ـ الحجز على
مرتبات موظفي الدولة تحت يد البنوك التجارية ــ الاهرام الاقتصادية ــ عدد ابريل
1961 ــ ص 43.



19- ولعل ما يؤكد وجهة نظرنا هذه ان
الدائن غالبا ما يفضل توقيع الحجز على راتب الموظف المدين بين يدي الخازن العام
للمملكة وليس على الرصيد المؤقت للحساب بالاطلاع الذي يدرج فيه هذا الراتب عن طريق
عملية التحويل، لان هذا الرصيد يكون في جل الاوقات دائنا من جانب الموظف بمبلغ جد
ضئيل قد لا يصل الى النسبة القابلة للحجز من رواتب الموظفين بين يدي الخازن العام
للممكة.



20- مع العلم ان كلا من البنوك Banques شركة التمويل Sociétés de financement تعد مؤسسات ائتمان Etablissement de Crédit خاضعة للظهير الشريف بمثابة قانون يتعلق بنشاط مؤسسات الائتمان ومراقبتها
الصادر في 6 يوليوز 1993.

وللمزيد من الاطلاع حول حدود نشاط كل من
البنوك وشركات التمويل، راجع :

- امحمد لفروجي - التاجر وقانون التجارة بالمغرب - المرجع السابق - ص 113.

21- وانظر كذلك في هذا الصدد ما سيرد
لاحقا في معرض حديثنا عن تقنية الاشعار بالاقتطاع
Avis de prélèvement كوسيلة لضمان واداء الديون.



22- ومعلوم ان الفرق بين الامر
بالاقتطاع الدائم وذلك غير الدائم يكمن في كون الاول يهم عملية اقتطاع واحدة من
الحساب لفائدة الدائن، اما الثاني، فيهم عدة عمليات اقتطاع تتم بصفة دورية ومن دون
حاجة الى اصدرا امر بالاقتطاع بخصوص كل عملية على حدة.

وفيما يخص التمييز القائم بين الامر
بالاقتطاع القابل للالغاء وذلك غير القابل للالغاء، فتجدر الاشارة الى انه يمكن في
الحالة الاولى لصاحب الحساب، باعتباره امرا
Donneur
d'ordre

ان يرجع في الامر بالاقتطاع من دون حاجة الى موافقة الدائن المستفيد من هذا الامر،
وعلى خلاف ذلك، ففي الحالة الثانية، أي حالة الامر بالاقتطاع غير القابل للالغاء
لا يجوز وضع حد للاقتطاع من الحساب البنكي الا اذا وافق على ذلك الدائن الصادر
لفائدة الامر بالاقتطاع الدائم.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







مجلة الاشعاع عدد 24 ص 9











Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : الحجز لدى الغير