-->

موقع القضاء المستعجل من القضاء بصفة عامة


بتوصية من مجلس وزراء العدل العرب، عقد المذكرة العربي للبحوث القانونية والقضائية ندوة بالرباط،  في  الفترة  ما بين 5 و7 فبراير1986 حول موضوع  " القضاء المستعجل".

وقد وجهت الدعوى الى جمعية هيئات المحامين بالمغرب للمشاركة في الندوة  المذكورة،   وتلبية  لتلك  الدعوة  حضر عن الجمعية  رئيسها النقيب الاستاذ احمد الشاوي، كما حضر عن اتحاد المحامين العرب الامين العام المساعد للاتحاد السيد النقيب الاستاذ محمد الناصري، حيث القى كل منهما كلمة موجهة الى المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية، وساهمت هيئتنا الى جانب عدة شخصيات  متخصصة  من  الاقطار  العربية في اشغال الندوة  بواسطة ورقة عمل اعدها  الاستاذ عبد الله درميش،  باسم جمعية هيئات المحامين وهيئتنا.

كما تجلت مشاركة اتحاد المحامين العرب من خلال البحث  الذي اعده الاستاذ  الطيب البواب عضو مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء.
وقد تقدم الزميل الاول بعرض تحت عنوان " موقع  القضاء المستعجل من القضاء بصفة عامة"، بينما قدم الزميل الثاني بحثا تحت عنوان " موقع القضاء المستعجل من القضاء في الاسلام".
هذا، وان المجلة ليسعدها ان تنشر على صفحاتها النص الكامل  للبحثين المذكورين، الاول في العدد الحالي،  والثاني  في  العدد  الموالي بحول الله.

ان نظام القضاء المستعجل، الذي هو مناط انعقاد هذه الندوة، من الانظمة القضائية الاساسية التي وقع بها الاهتمام من طرف المشرع والقضاء والفقه على حد سواء، فهو موضوع من المواضيع  الهامة التي اعتنت بها قوانين الاجراءات لمختلف الدول، ومرتع خصب لرجال الفقه فتقدمت فيه اقلامهم بغزارة وسخاء، وكان موضوع مساجلات حادة امام منصات القضاء، فدارت حوله  مرافعات المحامين،  وتناولته  احكام  القضاة بالتحليل المستفيض، فكان محط اختلاف شديد من هذا البلد  الى ذاك، فهو لا يقل اهمية من القضاء العادي ان لم يكن اكثر اهمية منه وجاءت قواعده اكثر صعوبة وخطورة من قواعد هذا القضاء، فضلا عن دقته، ودقته تكمن في الملكة القانونية الهائلة التي يجب  ان تتوفر في القاضي  الذي  يسند  اليه  الفصل في القضايا الاستعجالية، فيمكن  القول عن صواب، ان القضاء المستعجل بمثابة الاسعافات الاولية التي تقدم للمريض، الذي يوجد في حالة خطيرة جدا، قبل ممارسة  الفحوص الطبية عليه او اجراء عملية جراحية عليه.

فما هو كنه هذه المؤسسة  الشامخة، وأين تكمن اهميتها، وما هو اطارها، وما هي مميزاتها ؟
هذه هي الاسئلة التي ستدور حولها هذه الورقة على ان نختمها ببعض الانتقادات والاقتراحات المتواضعة -  فتكون العناوين الرئيسية التي سنعنون بها مواضيع هذه الورقة كما يلي :

أولا : - ماهية القضاء المستعجل
ثانيا: - أهمية القضاء المستعجل
ثالثا : - إطار القضاء المستعجل
رابعا : - بعض مميزات القضاء المستعجل وبعض الانتقادات والاقتراحات

أولا : ماهية القضاء المستعجل من بين مؤسسة القضاء عموما :
ان القاعدة في  وظيفة القضاء العادي - وبعد الاغراق في الاجراءات الشكلية وسلوك مساطر معقدة واستنفاد درجات التقاضي يطول معها النزاع ويطمس احيانا وجه الحق - ان يضع حدا للنزاع المرفوع اليه  باصداره حكما  فاصلا في الموضوع، فيكشف بذلك عن وجه الحق فيما يدعيه كل الخصوم، فيكون الحكم الصادر عنوانا للحقيقة جديرا بان يجوز حجية الامر المقضي.

ولما كانت مثالب القضاء العادي عديدة تؤدي في كثير من الاحيان الى اهدار حقوق الاطراف،  ولا تتحقق معها العدالة المنشودة، فان القضاء المستعجل الذي يشذ عن طبيعة القضاء العادي يقوم، اساسا، على فكرة اسعاف الخصوم باحكام سريعة قابلة للتنفيذ الجبري، من شانها ان تضع الخصوم، في مركز مؤقت ريثما يفصل في اصل الحق  (1)،  فيقصد به الفصل، بصفة مؤقتة، في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الاوان دون المساس باصل الحق بقرار ملزم للخصوم بقصد المحافظة على الاوضاع القائمة، أو احترام الحقوق الظاهرة، او صيانة مصالح الطرفين المتنازعين (2)، فهو اذن، حماية عاجلة ليس من شانها ان تكسب  حقا لهذا المتقاضي او تهدر حقا لذاك، فهو قضاء يضع حدا للتعدي فورا(3)، وقد جاء في منشور لوزارة العدل، من حيث مفهوم القضاء المستعجل، انه يطلق على مسطرة مختصرة تمكن الاطراف في حالة الاستعجال من الحصول على قرار قضائي في حين معجل التنفيذ  في نوع  من القضايا لا يسمح بتاخير البت فيها دون ان تسبب ضررا محققا (4).

فالقضاء المستعجل هو نظام الاسعاف القانوني، الذي يقي المراكز القانونية من الأخطار التي يمكن ان تهددها من جراء اتباع طريق التقاضي العادي،  وكما ان حياة الانسان ساعة الخطر تكون رهنا بسرعة  نجدته، فانه كثيرا ما يتوقف نفاذ المركز القانوني على  التعجيل بحمايته القضائية (5).

وعلى أية حال، فان القضاء المستعجل يبقى له شان كبير امام القضاء العادي حيث يحافظ على  الحقوق الظاهرة للخصوم، وينبه هؤلاء الى  مراكزهم القانونية الصحيحة والى وضعياتهم السليمة، فيسد على سيئ النية الأبواب  ويعيقه على تحقيق مقاصده، واحيانا أخرى يحمي الحجة والدليل الى ان يقع الفصل في الموضوع.

ثانيا : أهمية القضاء المستعجل

يتسم العصر  الحالي بالحضارة الصناعية واتساع نطاق المعاملات وتشعبها بين المتعاملين، وتنوع مشاربها  بعد التغيير الجذري   في شتى مناحي الحياة، سياسيا، واجتماعيا، واقتصاديا، فاصبحت  التكنولوجيا  طاغية على حياتنا اليومية، فازداد  بذلك  ايقاع الحياة حتى اصبحت السرعة هي الطابع المميز لها والسمة  الاساسية لكل عمل يومي. وكان نتيجة ذلك ظهور تشريعات كثيرة لمواكبة ذلك الايقاع وذلك التطور السريع، فكان القضاء المستعجل على راس تلك التشريعات فجاء ليستجيب لحاجة السرعة، لكن، لا على حساب العدالة، بما تتطلبه  من اهمال الخصوم لتهييء دفاعهم، واناة القضاة في اصدار احكامهم، وانما ليقدر الضرورة  حق قدرها،  فيستجيب لها استجابة مؤقتة تاركا الحماية الحاسمة لقضاة الموضوع الذين يتناضل الخصوم امامهم في اصل الحق.

فاهمية  القضاء المستعجل هي انه يرد العدوان البادي لاول وهلة  من ظاهر المستندات باجراءات وقتية تتغير كلما جد  جديدة في ظروف النزاع وتتميز بالبساطة  والمرونة وقلة النفقات، مع الاقتصاد  في الوقت واختصار في الاجراءات، وبذلك يكون القضاء المستعجل عامل توفيق بين الاناة اللازمة لحسن سير  العدالة وبين نتائج  هذه الاناة التي قد  تعصف احيانا بحقوق الخصوم.

وعلى الرغم من الصفة الوقتية التي يتصف بها القضاء المستعجل  وتميزه عن القضاء العادي، فان له في مجال الحياة العملية  القضائية اهمية كبرى، كثيرا ما يؤدي الى فض النزاع، ويزهد الاطراف في   الخصومة، بسبب  كون القرار الذي يصدر عنه يثير في الغالب تعرف الخصوم على وجه المنازعة، ويجعلهم امام امر واقع يصبح معه الاستمرار في الخصومة غير منتج، ولذلك عظم شان هذا القضاء واتسعت الدائرة التي يعمل بها، وقضى على كثير من وسائل الكيد والرغبة في اكتساب الوقت،
واضاعة الحقوق عن طريق التسويف في الخصومة واطالة امدها، ووقف بوجوه سيئي النية من الخصوم ممن تفننوا في اقامة العراقيل في سبيل  حصول خصومهم على ما لهم من حق (6).

وتكمن أهمية القضاء المستعجل في ان كثيرا من القضايا المعقدة التي يحالف فيها التوفيق، قاضي المستعجلات، بايجاد علاج وقتي قد يغني الخصوم، في اغلب الاحوال، من اللجوء الى قضاء الموضوع لان القرار الاستعجالي  كثيرا ما يكون دلالة واضحة على الاتجاه الصحيح في فض النزاع، ويرسم   الخطوط الرئيسية  للنهج امام قاضي الموضوع.

والملاحظ ان هذه الاهمية قد شجعت على طرق باب هذا المرفق باستمرار  فادى ذلك الى تكاثر انواع  القضايا المستعجلة، فاشتد بذلك  العبء على القاضي  المستعجل، واصبحت  مهمته تستلزم بذل الجهد  في حل ما يعرض عليه من المسائل في مختلف  صورها في سرعة ودقة(7).


وفي المغرب، لا يقل هذا النظام اهمية عن صنوه في بقية  الدول الاخرى اذ عرف اقبالا متزايدا واصبح الخصوم يترددون عليه بكثرة، سواء كان النزاع مستعجلا بطبيعته او بنص القانون،  فدلت الاحصائيات على ان المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء - وهي النموذج الامثل للمحاكم الابتدائية بالمملكة قد استقبلت :

سنة 1983 ( المسجل العام ) 26.803 + ( المتبقى من سنة 82)  3.623
( المجموع العام) 30.426 ( المحكوم قطعيا) : 27.150
المحكوم تمهيديا 928.

سنة 1984 ( المسجل العام) 2.125 + ( المتبقى من سنة 83) 3267
( المجموع العام ) 25.392 ( المحكوم قطعيا ) :  2.037
( المحكوم تمهيديا) 981.

سنة 1985 ( المسجل العام) 21.572 + ( المتبقى من سنة 84) 3.055
( المجموع العام ) 24.624 ( المحكوم قطعيا):  21.150
( المحكوم تمهيديا) 619.

أما في نطاق التشريع، فان اهمية هذا القضاء تنعكس في الاهتمام الذي أولاه المشرع له، فاسند اليه النظر في حالات عديدة  متفرقة كالصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم او سند قابل للتنفيذ والحراسة  القضائية والإجراءات التحفظية (8)، والحصول على امر باثبات  حال او توجيه انذار او أي اجراء اخر مستعجل ( الفصل 148 م. م)، وممارسة عروض  الوفاء والايداع ( الفصل 171 م. م وما يليه)، وتحديد التعويض المسبق في حالة حيازة  بعض العقارات طبقا لظهير 6 مايو1982 المتعلق بنزع الملكية  لاجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت( ج. ر3685)، والبث في التعرض الذي تقدم به المزايد الذي رسا عليه المزاد العلني وذلك ضد قرار ادارة المياه والغابات كما هو منصوص عليه في الفصل 15 من ظهير 10/10/1917  المتعلق بالمحافظة على  الغابات  واستغلالها، والنظر من رفع التعرض  على ثمن  بيع الاصل التجاري طبقا لظهير 31/12/1914 والأوامر باسترجاع السيارات طبقا لظهير 17/7/1936، والامر بوفاء الكمبيالة طبقا  للقانون التجاري، وطلب رفع يد  المعارض على الشيك في الحالات المنصوص عليها في الفصل 32 من ظهير19 يناير1939 والطلب الوارد في
الفصل 208  من ظهير 2/6/1915 المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة، والفصل 52 من
.

ظهير29/7/1970 بشان حماية المؤلفات الادبية والفنية والمقتضيات المنصوص عليها في قانون الملكية الصناعية المتعلقة بالحجز وغير ذلك من الحالات الواردة في قانون الالتزامات والعقود ( الفصول 638 و621 و603 و304)، وفي ميدان الاحوال الشخصية والميراث ( الفصل179 م م الذي يحيل  على الفصول 148 و149 و154 و222 م. م)، وبصدد تنفيذ الاحكام ( 448 و304)، والاكراه البدني ( الفصل 683 م. جنائية )، والاوامر بالاداء (155 م. م).

وهكذا، فان القضاء  المستعجل قد غزا جميع المجالات القانونية، فاصبحت ضرورة ملحة لا غنى عنها لتحقيق العدالة، فتعززت سلطته في التشريعات الحديثة حتى ان  بغض هذه التشريعات اصبحت تنص صراحة على اختصاصات معينة  تعطيها صفة الاستعجال  لما لمسته في هذه التشريعات من الاهمية اللازمة لفصل النزاع بطريقة مستعجلة (9).

ولم يحد المشرع المغربي عن هذا الاتجاه كما يتضح من الامثلة السابقة حيث يحيل المشرع على الاصول المستعجلة لما تسديه من خدمة للعدالة، فالقضاء المستعجل يعتبر عامل توازن في الحياة  اليومية للافراد.

ثالثا : إطار القضاء المستعجل
سنتناول تحت هذا العنوان بيان الدعائم  الاساسية  التي يقوم عليها القضاء المستعجل، والتي تميزه عن القضاء العادي، وهي ما يعبر عنها عادة ( بالقواعد الموضوعية ) التي تتمثل في عنصري الاستعجال، وعدم المساس باصل الحق، ثم تقوم بتحديد المجال الذي يتحرك  فيه قاضي  الامور المستعجلة، أي معرفة نطاقه بسرد بعض الحالات المهمة التي يعالجها، وبعد ذلك  ناتي على مؤسسة قاضي التنفيذ التي تعرفها بعض الانظمة التشريعية دون البعض الاخر مما لهذه المؤسسة من اهمية قصوى ولما تهدف اليه من اهداف جديرة بالاعتبار.

1-   القواعد الموضوعية للقضاء المستعجل :
ان اختصاص  قاضي المستعجلات منوط بتوافر  شرطين اساسيين، اولهما ضرورة توافر عنصر الاستعجال في المنازعة، وثانيهما ان يكون المطلوب هو البت في الاجراءات الوقتية،  وعدم المساس بالجوهر، ويضاف الى هذين العنصرين - بالنسبة لاختصاص الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف، في  التشريع المغربي،  كقاضي الامور المستعجلة - ان يكون النزاع معروضا على محكمة الاستئناف ( الفصل 149 م. م الفقرة الثالثة منه).

والى جانب هذه الشروط هناك قيد يرد على اختصاص القضاء المستعجل، ويتمثل في ان هذا القضاء باعتباره جزءا من القضاء المدني فهو يخضع للاوضاع التي تحدد اختصاص هذا القضاء، فيخرج من اختصاصه ما  يخرج من ولاية القضاء المدني (10).

وسأتعرض في الفقرات الاتية باختصار شديد لهذه العناصر.

أ‌-    الاستعجال :
لم يضع المشرع المغربي   في المسطرتين معا  - القديمة والحالية - تعريفا  او ضابطا لعنصر الاستعجال، لان ذلك  ليس من عمل المشرع، فتركه للفقه  والقضاء، فهكذا تحرك الفقه جادا لوضع تعريف دقيق " للاستعجال" فوقع الاتفاق بين الفقه على ان الاستعجال هو الخطر الحقيقي  المحدق  بالحق المراد المحافظة  عليه باتخاذ اجراءات سريعة لا تحتمل الانتظار، ولا يمكن ان  تتحقق عن طريق القضاء العادي ولو بتقصير الميعاد (11).
وتدور كل تعريفات الفقهاء حول فكرة واحدة  هي وجود خطر من التاخير في حماية الطالب،  ويتحقق في حالة تعرضه  لضرر نهائي لا يمكن ازالته اذا تاخرت اجابة طلبه على النحو الذي تستلزمه الاجراءات العادية  للقضاء الموضوعي (12).

وينشا عنصر الاستعجال من طبيعة الحق المطلوب صيانته وفي الظروف المحيطة به، لا من صنع الخصوم، فهو لا يترك لمشيئتهم  او اتفاقهم،  ولم يحدد المشرع المغربي  في الفصل 149 م. م الحالات التي يتوفر فيها الاستعجال بل ترك ذلك لتقدير القاضي يصل اليه عن طريق ظروف وقائع الدعوى الواردة في المقال الافتتاحي، ويستشفه من مناقشة الطرفين بالجلسة ويستنبطه من عناصر الملف، فلا يمكن ان يكون الاستعجال  من مجرد رغبة احد الطرفين  في الحصول على حكم في الدعوى باسرع  ما يمكن (13).

ويختلف الاستعجال عن نظر الدعوى على وجه السرعة، في ضرورة توافر الخطر الداهم (14) في الاول دون الثاني، حيث يكتفي بتقصير مواعيد التقاضي امام القضاء العادي (15)، اذ السرعة مفترضة في جميع الدعاوي كما يستدل ذلك من المقتضيات المتفرقة (16) الواردة في قانون المسطرة المدنية، وبصفة خاصة الفصل 46 م. م الذي ينص على : " يفصل في القضية  فورا،  او تؤجل الى جلسة مقبلة يمكن تعيين تاريخها حالا ...".

كما يختلف الطلب المستعجل عن الطلب الوقتي بالرغم من ان المشرع المغربي قد ربط بينهما في الفصل 152 م. م (17)، فالاجراء قد يكون وقتيا ولكنه غير مستعجل، فيخرج ذلك الاجراء من اختصاص قاضي المستعجلات وكمثال على ذلك ان يتعلق الامر باجراء وقتي يتطلب البحث في الموضوع  فدائرة الاجراءات الوقتية اوسع مجالا من دائرة الاجراءات المستعجلة، اما الاجراء الاستعجالي فيجب ان يكون دائما إجراءا وقتيا لان  طبيعة القضاء المستعجل انه لا يبت الا في المسائل الوقتية (18) ويعتبر الطلب وقتيا متى كان المطلوب من القاضي اصدار حكم وقتي وليس حكما في الموضوع  والحكم الوقتي  هو الذي يامر باتخاذ اجراء وقتي لحماية الحق دون ان يؤكده، وقد عبر عنه المشرع المغربي في الفصل 152 م م بانه لا يبت قاضي الامور المستعجلة الا في الاجراءات الوقتية ولا يمس ما يمكن ان يقضي به في الجوهر.

من خصائص عنصر الاستعجال انه ظرف اني أي ان صفة الاستعجال يجب ان ينظر اليها وقت الحكم في النزاع كان يكون  عنصر الاستعجال غير ملازم لاقامة الدعوى ثم تظهر وقائع جديدة اثناء نظر الدعوى يستلهم فيها القاضي توافر الخطر المحدق المطلوب حمايته فان من واجب القاضي الحكم فيها(19)، أما اذا زالت صفة الاستعجال وتبددت مواطن الخطر اثناء نظر الدعوى وجب النطق بعدم الاختصاص.

فيتعين، اذن ان يتوافر الاستعجال من وقت رفع الدعوى حتى وقت الحكم فيها، فاذا تخلف في أية مرحلة من

مراحلها انتفت احد شروط  الاختصاص فالاستعجال شرط لازم امام محكمة الدرجة الاولى وامام محكمة الاستئناف (20).

ويلاحظ كذلك، ان الاستعجال عنصر مرن يتغير بتغير الزمان والمكان والظروف، فما ليس استعجالا  في زمن ما قد يكون كذلك في زمن اخر، وما لا يعتبر استعجالا في بيئتنا قد يعتبر كذلك في بيئة أخرى، كما ان الاستعجال قد يتوفر في حالة محيطة بظروف خاصة دون ان يتوفر في الحالة  ذاتها المحيطة بظروف مغايرة.

ويترتب عن هذه الخاصية انه اذا توفر عنصر الاستعجال في مكان ما يمكن ان يسند الاختصاص لقاضي الامور المستعجلة لهذا المكان للنظر في التدبير الموقت خروجا عن قواعد الاختصاص المكاني المنصوص عليها في الفصل 27 من قانون المسطرة المدنية (21).

وتجدر الإشارة الى ان تقدير  عنصر الاستعجال امر موكول الى السلطة التقديرية للقاضي يستنبطه من المسائل الواقعية والموضوعية المحضة التي لا يخضع  فيها لرقابة المجلس الاعلى الذي قال " ينص الفصل 219 من ق م م على انه في كل الحالات المستعجلة ترفع القضية لقاضي الامور المستعجلة، ونظرا  لعموم هذه الالفاظ فان القانون قد ترك لقاضي الامور المستعجلة سلطة  مطلقة لتقدير الحالات المختلفة   التي من شانها  ان تدخل ضمن اختصاصاته" (22)، وقال في قرار اخر :" عندما صرحت المحكمة  بان خطر الانهيار المرتقب للمحل من موضوع النزاع لم يثبت من الوثائق المدلى بها وبانه لا موجب لتطبيق مسطرة الاستعجال فان تقديرها للواقع لا يخضع لرقابة المجلس الاعلى وهو كاف لاظهار عدم اختصاص قاضي المستعجلات "(23).

الا انه يتحتم على قاضي المستعجلات ان يوضح في اسباب قراره  مدى توفر  او عدم توفر ركن الخطر من نتيجة فهمه للوقائع ومن ظاهر المستندات التي ادلى بها في الملف، وهذا ما اكده المجلس الاعلى في قراره الذي جاء فيه:
" ان المحكمة الاستئناف بتبنيها لعلل الحكم الابتدائي غير المناقضة لعللها  ضمنيا بالضرورة قد سلمت باختصاص قاضي الامور المستعجلة بناء على الاستعجال  الملاحظ من طرف القاضي الاول مما يجعلها لم  تغفل الجواب في هذه النقطة على مستنتجات الطالب"(24).

ولما كان الاختصاص النوعي لقاضي المستعجلات من النظام العام طبقا للفصل 152 م م فانه تاسيسا على ذلك يجوز للاطراف  اثارته  في جميع مراحل الدعوى ولو لاول مرة  امام المجلس الاعلى طبقا  للفصلين 16 و359/3 م. م اذ رغم رداءة صياغة الفصل 16 فان الدفع  بالاختصاص  النوعي، بخلاف الاختصاص المكاني،  لازال يعتبر من النظام   العام، كما يمكن اثارته تلقائيا من طرف المحكمة (25).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فإذا توفر عنصر الاستعجال اضفى على صلاحية قاضي المستعجلات صفة النظام العام، فيكون مختصا  ولو كان هناك اتفاق بين الاطراف على عدم اسناد الاختصاص له، او وجود شرط تحكيمي يعطي الاختصاص للنظر في موضوع النزاع لجهة تحكيمية معينة ولو كانت خارج مكان توافر الاستعجال (26).

ب‌-  عدم المساس بالجوهر:
ان الاوامر الاستعجالية  غير حاسمة في الموضوع، لكنها اوامر اسعاف تقوم، اساسا، بحماية مؤقتة للحق، ووقايته بدفع الخطر عنه، اكثر ما تقوم بتقصي الحقيقة والبحث  عن الحق في مسالك العدالة  المتشعبة، بمعنى ان الاوامر الاستعجالية - كما نص على ذلك الفصل 152 من م م -  لا تبحث  الا في اجراءات وقتية، ولا يمكن ان تمس ما يمكن ان يقضي به في الجوهر، ذلك ان تلك الاوامر دائما  مبنية على وقائع قابلة للتغيير والتعديل  فالقرار الاستعجالي يحدد مراكز الخصوم مؤقتا دون المساس باصل الحق، كما انه لا يحوز الا حجة مؤقتة في حدود ما لم يستجد من الوقائع والاسباب التي كانت معروضة  على انظار قاضي المستعجلات، اذ من حق هذا الاخير ان  يعدل عن امر اذا تبين ان الوقائع والاسباب التي بني عليها هذا الامر قد تغيرت (27).

فعنصر عدم المساس باصل الحق من الشروط الاساسية لاختصاص قاضي المستعجلات، ولكنه في نفس الوقت قيد على سلطته  فيمنعه من البت في اصل الحقوق والالتزامات والاتفاقات سواء في منطوق الامر او في الاسباب او الحيثيات  المكلمة للمنطوق، كما يمنع عليه الغاء او تعديل حكم موضوعي او تغيير او تبديل في المركز  القانوني  للخصوم، ولكنه لا يمنعه من حسم خلاف قانوني في الفقه والقضاء، او تقدير لدفوع موضوعية ويقوم بفحص المستندات بالقدر الذي يقتضيه الحق من  مدى اختصاصه، وبالتالي فان بحث القاضي المستعجل في اصل الحق انما  يكون بحثا عرضيا عاجلا لمعرفة أي من الطرفين أحق للحماية المؤقتة (28).

فالقضاء المستعجل ليس ممنوعا من كل بحث في الحق والمستندات المتعلقة به، وانما يبحث الموضوع ويطلع على مستنداته لا  ليكون من شانه رايا قاطعا ليبني عليه حكمه في الاجراء  الوقتي، وانما  هو  يبحثه بحثا سطحيا للاستنارة  بهذا البحث في اجابة طلب الاجراء الى طالبه او عدم اجابته اليه او على حد تعبير محكمة التمييز الكويتية على ان يكون بحثه عرضا يتحسس به ما يبدو له من النظرة الاولى انه وجه الصواب في الاجراء المطلوب (29).

وهكذا فان الفقه الحديث لا يرى من قاعدة عدم المساس بالموضوع قيدا على اختصاص قاضي المستعجلات، بل اصبح ينظر الى  هذا المقتضى كشرط ايجابي قائم بذاته، ذلك ان هذا القضاء ليس فقط غير ممنوع من البحث في وجود الحق المطلوب حمايته، بل انه يجب ان يقوم  بهذا البحث، ولكنه لا يفعل ذلك ليؤكد او ينفي وجوده  على وجه يقيني، انما لتكوين راي ظني من ظاهر المستندات، وهو ما يعبر عنه برجحان او اهمال وجود الحق (30).

ويترتب على ذلك ان قاضي المستعجلات لا يتعمق في فحص جوهر المستندات، وانما يكتفي بوضع لمساته الخفيفة على ظاهرها دون البحث في تفسيرها أو تاويلها، وانما يفحص فقط وجهها ليحمي من يبدو لاول وهلة انه اجدر بالحماية، ولا يمكن ان يجري تحقيقات أو أبحاث أو معاينات لاثبات او نفي الحق وان كان له ان يقوم بذلك من اجل اثبات الخطر الذي هو كنه عنصر الاستعجال (31)، فقد قال المجلس الاعلى، في احدى قراراته:

" يخص قاضي المستعجلات باتخاذ  الاجراءات الوقتية التي تقتضيها حالة الاستعجال دون المساس بما يمكن ان يقضي به في الجوهر، فلا يجوز له ان يفصل في نزاع او يامر باجراء بحث اذا كان الغرض منه الفصل في وقائع مادية، او حقوق متنازع عليها، ولهذا فان محكمة الاستئناف لما أيدت الامر الابتدائي الذي امر بإجراء بحث لاثبات الاتفاق على اخلاء المتجر وقضت بالافراغ تبعا لذلك تكون قد تعدت حدود اختصاص قاضي المستعجلات (32).

اما الجوهر الذي يمنع  على قاضي المستعجلات المساس به فهو اصل الحق الذي تدور حوله حقوق والتزامات الاطراف وجودا وعدما، والذي يبقى دائما خاضعا لسلطة قاضي الموضوع، ولا يعني عدم المساس بالجوهر ان قاضي الاستعجال يصدر أوامر من شان تنفيذها أنها لا تلحق ضررا لأحد الخصوم يستحيل علاجه مستقبلا، لان مثل هذا الامر لا يؤثر اطلاقا على اصل الحق اذ يظل قاضي الموضوع حرا في تكوين عقيدته عند الفصل في اصل النزاع لا تقيده حجة الامر الاستعجالي (33).

تجدر الاشارة انه لا يكفي اثارة أي نزاع موضوعي للدلالة على ان هناك مساس بالجوهر،  وبالتالي استبعاد اختصاص قاضي الامور المستعجلة، بل يجب ان يكون النزاع المثار جديا (34)، والفصل فيه لازما للحكم في الدعوى المستعجلة. فاذا تبين للقاضي من ظاهر المستندات ان النزاع غير جدي فانه لا يقضي بعدم الاختصاص (35)،  ووصف النزاع بالجدية يخضع لرقابة المجلس الاعلى . قال في قرار له(36):
" لا يحق لقاضي المستعجلات البت في القضية متى كان النزاع المعروض امامه يكتسي صبغة جدية، وان جدية النزاع تخضع لرقابة المجلس الاعلى".

وقد رتب القضاء المغربي - على صعيد المجلس الاعلى -  على قاعدة عدم البت في الموضوع من طرف قاضي المستعجلات نتيجة هامة تتعلق بطرق الطعن الغير العادية في الاوامر الاستعجالية فقضى ان الاوامر التي يصدرها قاضي المستعجلات،  بصفته هذه، ودون البت في جوهر النزاع لا يمكن ان تكون موضوعا لطلب اعادة النظر، والقرارات  الصادرة بناء على استئناف هذه الاوامر تكون كذلك غير قابلة لطلب اعادة النظر(37).

وشرط عدم المساس بالجوهر، بخلاف شرط الاستعجال وان كانا معا يتعلقان بالنظام العام، فحسب مقتضيات الفصل 152 ق م م فان هذا الشرط  يقع تحت انظار رقابة المجلس الاعلى لان حسن تطبيق القانون من طرف قاضي المستعجلات مسالة قانونية محضة، فخرق الفصل 152 سبب من اسباب النقص المنصوص عليها في الفصل 359 م م، وهذا ما تبناه الفقه الراجح.

وزيادة في تكريس هذه القاعدة فان المشرع في قانون المسطرة المدنية الحالي قد تراجع  عن المقتضى الوارد في الفصل 222 م. م القديم الذي  كان يجيز لقاضي الامور المستعجلة ان يفصل في الجوهر، بناء على طلب الخصوم وباتفاقهم، فجاء حذف تلك الامكانية في الفصل 152،  فلم يعد بامكان  الخصوم الاتفاق، فيما بينهم على اسناد البت في جوهر النزاع  لقاضي المستعجلات بمعنى ان المشرع قد قلص من اختصاصات القضاء المستعجل، فضيق دائرته  بالمقارنة مع القضاء المستعجل في ظل التشريع القديم.
والسؤال الذي يطرح بحدة، هو ما مدى تناسق مقتضيات الفصل 152 م م مع مقتضيات الفصل 16 م م المتعلقة بالاختصاص النوعي ؟ ان هناك ارتباطا وثيقا بين الفصلين المذكورين لتعلقهما معا بالاختصاص النوعي، ويبدو من صياغة الفصل16 ان الاختصاص النوعي  ليس من النظام العام، الا أني ارى ان الفصل 152 م م من المبررات الاساسية التي من شانها ان تضع حدا للنقاش المحتدم (38) الذي احدثه الفصل 16 م م حول  ما اذا  كان الاختصاص النوعي من النظام العام ام لا ؟

ان الدفع بالاختصاص النوعي في ظل المسطرة المدنية الملغاة كان لا يطرح اية صعوبة، فالقاعدة انه من النظام العام طبقا للفصلين 124 و186/3 م. م وان الاستثناء من هذه  القاعدة هو ما جاء منصوصا عليه  في الفصل 222 م م ( القديم)  من امكانية اتفاق الاطراف على مخالفة هذه القاعدة امام قاضي الأمور المستعجلة،  أما بالنسبة لهذا الدفع فان المسطرة المدنية الحالية، فاننا نستطيع  ان نؤكد، بدون ادنى أي تردد آو تحفظ، ان الصياغة الرديئة للفصل 16 هي التي احدثت هذا الاضطراب في الاذهان، لكن المبادئ الاساسية  لقوانين المسطرة المدنية والقواعد الراسخة للاختصاص  النوعي لا يمكن ان تتسق والقول بانه ليس من النظام العام،  وهكذا  فان  الاختصاص النوعي في المسطرة الحالية لم يعد يعرف أي استثناء من القاعدة العامة.

د‌-   علاقة القضاء المستعجل  بقضاء الموضوع :
تختلف التشريعات ومنها التشريعات العربية حول مدى علاقة القضاء المستعجل  بقضاء الموضوع،  ففي التشريع المغربي، مثلا، اصبح من المؤكد ان قاضي المستعجلات لا يمكنه البت  في أي حال من الأحوال، في جوهر النزاع، اذ لا  يجوز للخصوم الاتفاق على خلاف ذلك، فالمحاكم الابتدائية، صاحبة الولاية العامة طبقا للفصل 18 م م  هي ذات الصلاحية للبت في نزاعات الموضوع، وعلى الرغم من ان القضاء المستعجل يتميز عن قضاء الموضوع في هذه النقطة الاساسية فان الصلة وثيقة بينهما،  والعلاقة وطيدة اشد ما يكون التوطيد.

فالقضاء المستعجل فرع من القضاء  المدني، وولايته محدودة بالقدر الذي  يدخل في اختصاص القضاء المدني،  بمعنى ان ولاية القضاء المستعجل، إباحة وتحريما، مستمدة  من النصوص التي تنظم هذا  القضاء، ويقصد بالقضاء المدني، هنا جهة القضاء التي تقابل جهة القضاء الجنائي، وهو الذي يبت في القضايا الواردة اساسا في الفصل 18 من  م. م.

ونتيجة لذلك، فان اعمال السيادة تخرج عن دائرة  اختصاص القضاء المستعجل لانها طائفة من الاعمال والقرارات التي تصدر عن المحكمة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة ادارة، كمثال على ذلك: الاعمال المنظمة للعلاقة بين الحكومة والبرلمان،  وما يتصل بالعلاقة بين الحكومة  والدول الأجنبية وما يتعلق بالحرب وكل ما يدخل في صميم سيادة الدولة، كاتخاذ تدابير حماية الامن الداخلي او الخارجي.

كما يخرج ولاية القضاء المستعجل كل اجراء تحفظي او استعجالي يتصل بدعوى عمومية قائمة بالفعل امام القضاء  الاجنبي الذي يعتبر متميزا ومستقلا بقواعده عن القضاء المدني، فلا يختص القضاء المستعجل باثبات حالة شيء موضوع متابعة جنائية، أو القيام باي اجراء تحفظي او استعجالي  من شانه تكوين الدليل  على براءة او ادانة المتابع،  بمعنى انه لا يكون مختصا باتخاذ أي اجراء من شانه المساس بموضوع الدعوى العمومية (39).

وتفريعا على ذلك، فان القضاء المستعجل، من جهة اخرى، يكون مختصا في اتخاذ التدابير التحفظية والوقتية، التي لا تؤثر في الدعوى العمومية ولو كان النزاع معروضا  على القضاء الجنائي لانه لا مجال لتطبيق قاعدة "الجنائي يوقف المدني" امام هذا القضاء لاعتبارات عملية   ملحة تتجلى في ضرورة اتخاذ اجراءات استعجالية مدنية تتمشى مع طبيعة الحال وما تتطلبه الامور من مرونة ويسر لاتخاذ اجراء يضمن الحماية العاجلة ريثما يقع الفصل في النزاع الذي يطول أمام قضاء الموضوع، كما ان ايقاف البت في دعوى مدنية لسبب من أسباب الايقاف لا يمنع قاضي المستعجلات من الاستمرار في اتخاذ الاجراءات الاحتياطية  الضرورية التي تتوفر  فيها حالة الاستعجال، فيحق له، مثلا، الاستناد في قراره الى وثيقة مطعون فيها بالزور المدني او الجنائي، فيتحرى  وجه الصواب في ذلك الطعن مستندا على ظاهر الوثيقة دون ان ينفذ الى عمقها.

فاذا كانت القاعدة  ان القضاء المغربي  المستعجل  لا  تدخل في ولايته الاجراءات التحفظية الوقتية  اللصيقة  بالدعوى العمومية فانه يحق التساؤل حول احقية القاضي الجنائي في ممارسة صلاحيات قاضي المستعجلات.
تبين لنا من استقراء نصوص قانون المسطرة الجنائية، ان المشرع اعطى للجهات القضائية الجنائية اتخاذ تدابير استعجالية ذات الصلة المتينة بالدعوى العمومية (40).

اما بالنسبة للمسائل التي لا تاثير لها على الدعوى العمومية، كان يكون الامر  متعلقا بالدعوى المدنية التابعة، فاعتقد ان ذلك يدخل في صميم  صلاحيات  قاضي المستعجلات الذي تعتبر قواعده جزءا من قواعد المسطرة المدنية التي هي القانون العام بالنسبة للاجراءات المدنية او الجنائية على حد سواء، الا اذا وجد نص خاص في المسطرة الجنائية يقنن مسالة  ما كما هو الحال مثلا بالنسبة لايقاف الحكم الجنائي  في شقه المدني او المنازعة في صعوبات التنفيذ، ففي مثل هذه الوضعية وجب تطبيق النص الخاص الوارد في المسطرة الجنائية ( الفصلان 646 و647) (40 م).

اما في الميدان الإداري  فان القضاء المستعجل، في التشريع المغربي  خلافا لبعض التشريعات العربية الاخرى  ليست له الصلاحية  للبت في المسائل المستعجلة الإدارية، الا انه تجب الاشارة الى ان القرارات الادارية التي تتمتع بالحصانة  من القضاء  العادي، وبالتالي يمنع على القاضي  المستعجل البت فيها  هي القرارات بالمعنى   القانوني الصحيح، أي تلك القرارات التي تفصح فيها الادارة عن ارادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة يكون من شانها احداث تغيير او تعديل في مركز قانوني معين (41).

وهذا ما اكده الفصل 25 من ق م م  حينما منع على المحاكم العادية  ان تنظر ولو بصفة تبعية في جميع الطلبات التي من شانها ان تعرقل سير الادارات العمومية للدولة او الجماعات  العمومية الاخرى، او ان تلغي احدى قراراتها.

اما الاعمال المادية التي ترتكب من طرف الادارات  العمومية للدولة او من طرف الجماعات العمومية فليست هي الاعمال الإدارية التي تمتاز بالحصانة التي   يتضمنها  الفصل 25 م م فاذ ارتكب مثل هذه الاعمال المادية من طرف احدى المؤسسات العمومية او الجماعات فان مثل هذه الاعتداءات يختص بالنظر فيها  القضاء الشامل، ومنه القضاء المستعجل  لانها ليست  اعمالا  ادارية مما  جعلها  تبقى خارجة عن نطاق اختصاص هذا القضاء (42).

والملاحظ ان القضاء الإداري المغربي تسوده قاعدة وحدة المحاكم، مما يعني ان القضاء العادي في هذه الحالة يمكنه  ان يبت في المادة الإدارية دون ان يلتزم بمقتضيات الفصل 25 من ق م م، وبالتالي  يمكن للقضاء العادي ان يعاين ويوقف الاعتداء المادي ويعمل على الوقاية من شره،  كما يمكن للقضاء العادي ان يوجه الى الادارة امرا  في موضوع الاعتداء المادي، ويحكم عليها عند  الاقتضاء، بتعويض لجبر الضرر الناتج عن الاعتداء المادي.

ويلاحظ من جهة أخرى، ان مثل هذا الاعتداء لا يدخل تحت ما يسمى في القانون الإداري بالتنفيذ التلقائي الذي يتم من طرف الإدارة، عن حق، في حالة الاستعجال  القصوى، او اذا  لم تكن الادارة تتوفر على أية وسيلة قانونية أخرى تعمل على تنفيذ مقرراتها، او اذا اجاز لها المشرع ذلك بنص خاص كالحالة الواردة في الفصل 23 من ظهير30 يوليوز 1952 المتعلقة بتشييد بناء على ملك عمومي، اذ يمكن للسلطة الإدارية ان تقوم  بهدمه  تلقائيا وعلى نفقة المالك دون ان يستطيع  القضاء المستعجل من استعمال حمايته (43).

والخلاصة ان الاضطراب  لازال مستمرا سواء في الاجتهاد او الفقه، حول اختصاص القضاء المستعجل في المسائل  الادارية فالبعض يرى ان  ذلك موكول الى القضاء  الاداري، والبعض الآخر يرى ان القضاء المستعجل له الصلاحية ليبت فيه. اما المسالة التي وقع حسمها فهي مسالة الاعتداء المادي  اذ يرجع  النظر فيها الى القضاء المستعجل.
ونعتقد ان  هذا الاضطراب ناجم، اساسا،   عن عدم وجود مقتضيات قانونية تنظم اصول التقاضي المستعجل امام القضاء الإداري لان الاصل ان القضاء المستعجل يتنافى مع طبيعة  العقود  والقرارات والاعمال الإدارية (44) وان كان يجوزان تصد بشانها  احكام مستعجلة ووقتية دون المساس بالموضوع، ودون ان يتعارض ذلك مع طبيعة العقود الادارية وهي، على سبيل المثال مسائل الاثبات واقامة الدليل.

وكما قلنا في بداية مناقشة هذه المعضلة، ان القضاء الإداري بحكم قواعده يختص بمنازعات حددها له  القانونين حصرا واخرجها  صراحة من وظيفة القضاء الذي منع عليه التدخل في الاعمال الإدارية طبقا للفصل25 م م، وفي ضوء هذا كله يمكن القول  بان المنطق السليم يقتضي اسناد الاختصاص للقضاء الإداري لوحدة النظر في المنازعات المستعجلة الناجمة عن موضوع يدخل امر الفصل فيه ضمن  اختصاص هذا القضاء وذلك اعمالا للقاعدة الأصيلة  في فقه المسطرة " قاضي الاصل هو قاضي الفرع"(45).

وعلاقة القضاء المستعجل بقضاء الموضوع تكمن كذلك في الصور الآتية :
ان اختصاص جهة معينة بالنظر في موضوع  النزاع لا يزيل اختصاص القضاء المستعجل  كلما توفرت عناصره  التي تتمثل في الاستعجال وعدم المساس  بالموضوع، فقد  يتفق الاطراف على احالة النزاع من حيث الموضوع على هيئة تحكيمية دولية وعلى الرغم من ذلك  يبقى لصاحب الحق ان يلتجئ الى قاضي المستعجلات، للمكان الذي تولد  فيه عنصر الاستعجال، لطلب حمايته من الخطر المحدق،  ما دام ان القاعدة في القضاء المستعجل انه لا يمكن سلبه  من صلاحياته باتفاق الاطراف لتعلق ذلك بالنظام العام،  ولأن الحكمة من نظام التحكيم هي توقي الجهد والنفقات واختصار الوقت الذي يتطلبه عرض النزاع على قضاء الموضوع، وتلك الحكمة تنتفي في القضاء المستعجل، ثم لا وجود  لاي تعارض بين نظر القضاء المستعجل للاجراء الوقتي وبين نظر الموضوع امام هيئة التحكيم (46).
وقد تسنى للقضاء المغربي ان يتخذ تدابير استعجالية وقتية  في الوقت الذي كانت فيه هيئة تحكيمية دولية تنظر في نزاع  يعتبر فيه المغرب طرفا (47).

ان لمحاكم الموضوع ان تنظر عن طريق التبعية في الدعاوي المستعجلة سواء رفعت هذه الدعوى المستعجلة  مع الطلب الموضوعي من اول الامر في مقال واحد او رفعت على شكل طلب عارض (48)، الا ان هذه المسالة محل نظر في التشريع المغربي  الذي ينص في الفصلين 148 و149  على ان رئيس المحكمة الابتدائية وحده،  ان اقدم  القضاة في حالة حدوث عائق للرئيس، يختص للبت في الاوامر المبنية على طلب والمعاينات والمستعجلات.

ان لجوء صاحب الحق الى الطريق العادي لا يمنعه من اللجوء الى الطريق الاستعجالي والعكس كذلك صحيح، اذ لا تعارض بين  الاختصاصين فلكل من القضاءين  نطاق اختصاصه، ويفترقان في نقطة جوهرية هي المساس او عدم المساس بالموضوع.
ان القاضي  الاستعجالي وهو يصرح بعدم اختصاصه ليس بامكانه ان يحيل النزاع على الجهة المختصة (49) لان المشرع قد حدد مسطرة خاصة. 

للقضاء المستعجل وليس من بينها ما يفيد ان نية المشرع تنصرف الى تطبيق مقتضيات  الفصل 16 من ق م م الذي جاء تحت المقتضيات العامة والخاصة بالقضاء العادي، فالمقتضيات الاستعجالية عولجت من طرف المشرع بكيفية محددة سواء ما تعلق منها بالموضوع او بالشكل، فهي مقتضيات استثنائية لا يمكن الخروج عنها الا اذا عبر المشرع عن ذلك صراحة، كما فعل مثلا في الفصل151 فاحال، بخصوص كيفية استدعاء اطراف على الفصول 37 و38 و39. ثم خرج في نفس الفصل عن القواعد العامة للاستدعاء، واستغنى عن استدعاء الخصم اذا كانت هناك حالة استعجالية قصوى كما فعل كذلك في الفقرة الاخيرة من الفصل 153 حيث احال على المقتضيات العامة للتبليغ الواردة في الفصل 54 م. م، ونؤكد انه لو كان المشرع يقصد الاحالة الواردة وفي الفصل 16 لنص على ذلك  صراحة كما فعل بخصوص المسطرة الخاصة  بالأمر بالأداء اذ احال في الفصل 146، على الشروط  المشار اليها في القسم الثالث من قانون المسطرة المدنية، كما انه تناول مسالة الاختصاص صراحة  في الفقرة الاخيرة  من نفس الفصل.

ونشير الى ان المجلس  الاعلى، وهو ينقض القرارات الاستعجالية بسب خرق قواعد الاختصاص، يتصدى للنازلة ويحكم فيها بعدم الاختصاص دون ان يقرر الاحالة  على  الجهة المختصة (50).
ونؤيد وجهة النظر هذه، فقاضي المستعجلات وهو يقرر عدم اختصاصه يكتفي بذلك ولا يفكر مطلقا في احالة الاطراف على محكمة الموضوع لان قرار قاضي المستعجلات بعدم الاختصاص لا يحمل على القول بان هناك جهة قضائية أخرى مختصة في النزاع، وانما  يعني ان مقومات القضاء المستعجل التي تقوم على الاستعجال وعدم المساس بالجوهر غير متوفرة.

2-   نطاق القضاء المستعجل :
ان ولاية القضاء المستعجل غير محدودة بحالات معينة على سبيل الحصر، فهو يختص في الطلبات التي تهدف  الى اتخاذ اجراء مستعجل كلما قامت الاعمدة التي يقوم  عليها  القضاء، المستعجل وقد تناول المشرع المغربي في  الفصلين  148 و149 م م بعض الحالات التي تقع تحت ولاية هذا القضاء فخص الفصل148 بالاوامر المبنية  على الطلب والمعاينات، كالامر باثبات حال او توجيه انذار، او أي اجراء مستعجل اخر. كما خص الفصل 149 بالصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ  والحراسة القضائية او  أي اجراء اخر تحفظي، وهكذا  سنقف وقفة قصيرة على بعض الحالات الهامة كاثبات حال والصعوبات المتعلقة بالتنفيذ والحراسة القضائية.

أ‌-    إثبات حال :
لقد اصبح اختصاص رئيس  المحكمة الابتدائية في المسطرة الحالية ( من هذه الزاوية ) اوسع من اختصاص المسطرة المدنية الملغاة فهو صاحب الصلاحية  للبت في كل مقال يهدف الحصول على امر بإثبات حالا  او توجيه إنذار، خلاف ما كان  عليه الامر في المسطرة  القديمة، التي كانت تمنح ذلك الاختصاص مباشرة لرئيس كتابة الضبط، دون الحاجة الى امر القاضي مقدما، كلما كان الأمر يتعلق باثبات حال لواقعة مادية محضة، او
توجيه انذار لا يطلب بمقتضاه القيام بعمل ( الفقرة الثانية من الفصل 217 ق م. م)، الا انه يمكن مخالفة ذلك اذا لم يكن ممكنا اثبات الحالة بصورة مفيدة الا اذا قام  بها شخص فني، اذ يصدر القاضي امرا بناء على طلب بتعيين خبير ليقوم بذلك ( الفصل 218 م. م قديم).

اما في ظل القانون الحالي للمسطرة المدنية فان جميع الطلبات المتعلقة باثبات حال او  توجيه انذار،  كيفما كانت الوقائع المطلوب اثبات حالتها وكيفما كان موضوع الانذارات، توجه حتما وبالضرورة  الى رئيس المحكمة الابتدائي بناء على طلب طبقا للفصل 148 م. م.

وترمي دعوى اثبات الحال الى تهيئة الدليل،  في نزاع موضوعي سواء كان قد أحيل على المحكمة  ام لا، وذلك عندما تحدث واقعة يخشى اضمحلالها او زوال معالمها او تغييرها بمرور الوقت، صيانة للحق من خطر   الاندثار، بمعنى ان إثبات حال هو وصف  لحالة راهنة وتأكيد لوضع قائم موجود بأوصاف معينة.

ويشترط في دعوى إثبات حال توافر ركن الاستعجال ان تكون الواقعة، موضوع الإثبات، قابلة للتغيير من حين  لاخر كليا او جزئيا. اما اذا كانت هذه الواقعة ذات معالم ثابتة غير قابلة للتغيير او الزوال او كانت  قد اضمحلت واختفت اثارها فان عنصر الاستعجال يكون منتفيا، وتنتفي معه صلاحية القضاء المستعجل للبث فيها ووجب حينذاك المطالبة بإثباتها من قاضي الموضوع عند عرض النزاع عليه.

كما يشترط فضلا عن ذلك، لقبول دعوى اثبات الحال ان لا ينتج عن اصدار الأمر بإثبات الحال أي مساس بجوهر الحق او الاضرار بحقوق الاطراف.

ونلاحظ، في  التشريع المغربي، ان دعوى اثبات حال تدخل في اختصاص القضاء المستعجل العام  كلما تعلق الامر بواقعة يخشى عليها من فوات الوقت ليس من شان اثباتها المساس بحقوق الغير، فضلا عن دخولها في الاختصاص الخاص بمقتضى نص المشرع ( الفصل 148 ق م م ).

وترتيبا على ذلك فانه يسري على هذه الدعوى ما يسري على غيرها من الدعاوي المستعجلة من توافر عنصر الاستعجال وعدم المساس بجوهر الحق، وتخضع لنفس القيود التي يخضع لها القضاء المستعجل  عامة من حيث  وجوب كون موضوع النزاع يدخل في نطاق النزاعات المدنية.

كما يتقرر عدمك قبول دعوى اثبات حال اذا  تضمنت اعتداء على حرية احد الاشخاص او شخصه أو جسمه كالكشف علة جسم امرأة جبرا أو اثبات حمل مستكمن او حال البكارة (51).

وتجدر الملاحظة ان الاوامر الصادرة في نطاق الفصل 148 م م، ومنها اثبات حال، لا تتطلب الشكليات المتطلبة قانونا في الفصل 149 م. م اذ انها تصدر مجرد عن كل المقتضيات القانونية اللازم توافرها في الاحكام والقرارات الأخرى، فتصدر في غيبة الاطراف ودون حضور كاتب الضبط وبدون انعقاد  جلسة، ومن غير تعليل، فيه غير خاضعة للصيغ القانونية التي يجب ان تكون عليها الاحكام طبقا للفصل 50 م م، كما انها غير قابلة للاستئناف الا في حالة الرفض وكان الامر  لا يتعلق باثبات حال او توجيه انذار.  ونرى انه في حالة الرفض يجب ان يكون الامر معللا والا لما امكن استئنافه.

وننتقد بشدة المقتضيات الجديدة التي اتى بها المشرع في الفصل 148 م م بشان اثبات حال وتوجيه انذار عندما اسند البت فيها لرؤساء المحاكم فزاد بذلك في ارهاق كواهلهم بكثرة الطلبات التي لا فائدة من تقديمها اليهم، فكان المشرع في المسطرة الملغاة قد فعل حسنا حينما اولى الاختصاص للبت فيها لرؤساء كتابات الضبط.

وتجدر الملاحظة، أيضا، ان المشرع قد استعمل عبارتين  يقع اللبس والخلط بينهما، ففي الفصل 148  تحدث عن " أي اجراء استعجالي" بينهما في الفصل149 استعمل عبارة " أي اجراء تحفظي" والفرق بينهما اساسي وجوهري.

ذلك ان الاجراءات التحفظية المنصوص عليها في الفصل149 لا يفهم منها انها هي الحجوز التحفظية التي تصدر بناء على طلب  كاجراء مستعجل  اذ الاجراءات التحفظية اوسع نطاقا من الحجوز التحفظية، فالاولى تشمل الاعمال التحفظية كتسجيل رهن عقاري،  او رهن على الاصل التجاري او توجيه إنذار للمدين لقطع التقادم او وضع الأختام أو اجراء  خبرة قبل فوات الأوان، غير انه لا يلتجأ دائما الى قاضي المستعجلات في اطار الفصل 149 في شان هذه الاعمال التحفظية لان ممارسة بعضها يتوقف على الشخص ذي المصلحة، اذ لا يلتجأ الى المستعجلات الا اذا كان الاجراء متوقفا على اجراء قضائي (52).

كما تجب الملاحظة انه بالمقارنة  بين الفصلين 219 م. م ( قديم) والفصل 149 م. م ( جديد) اللذين يتناولان القضايا الاستعجالية  ان الفقرة الاولى من الفصل 219 يشترط  في الاجراء التحفظي  المنوي اتخاذه من جانب قاضي  المستعجلات ان لا تكون مسطرته  منظمة بنصوص الاوامر التي تصدر بناء على طلب  والمنصوص  عليها في الفصلين 217 و218 م. م ( قديم) بينما الامر ليس كذلك في الفصل 149 م. م، اذ لا يشترط أي شرط  من هذا القبيل فيختص رئيس المحكمة بصفته قاضيا للامور المستعجلة كلما تعلق كالأمر باجراء تحفظي بل اكثر من ذلك فان هذا  الفصل يحيل في فقرته الاولى على الحالات الواردة في الفصل 148، بمعنى ان قاضي 149 يمكنه ان يبت، بالاضافة إلى الحالات الاستعجالية في الحالات التي يبت فيها قاضي الفصل 148 م. م.

ب‌-  الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم او سند قابل للتنفيذ :
ان تنفيذ الحكم هو الغاية  المنشودة التي يهدف اليها صاحب الحق. ومرحلة التنفيذ مرحلة هام الا انه لا يقع اجتيازها دائما،  في ظروف حسنة، بل غالبا  ما تعترض الاطراف او الغير بعض الصعوبات الدقيقة والعسيرة،  مما جعل التشريعات العربية،  كغيرها، تتعرض لعلاج  هذه المعضلة  بوسائل متفاوتة، فكان من بينها التشريع  المغربي الذي قدم  بعض الحلول لهذه المشكلة، الا انها ليست بحلول نهائية، اذ مازال الفقه والقضاء يساهمان باعطاء بعض التحليلات والتفسيرات والاجتهادات حول هذا الموضوع الذي تتجاذبه الاراء بتضارب كبير لعدم وجود ضابط او معيار لما سماه المشرع في الفصلين 149 و436 ق م. م بالصعوبات الواقعية والقانونية  المتعلقة بتنفيذ  حكم أو سند قابل للتنفيذ.
 
فيمكن تعريف صعوبات التنفيذ بالمنازعات المستعجلة المتعلقة بالتنفيذ والتي يرجع امرها الى القضاء المستعجل ليقضي فيها باجراء وقتي وهو وقف التنفيذ  او الاستمرار  فيه (53).  وقد فسر  منشور(54) وزارة العدل كلمة " الصعوبات" الواردة في الفصل 149 م. م بانها كل الاجراءات التي يمكن اتخاذها وكل المنازعات التي يمكن اثارتها سواء في الجوهر او الشكل بين الاطراف ومن طرف اشخاص اخرين،  فيخرج عن هذه الصعوبات تعنت المنفذ عليه او اصراره على عدم تنفيذ الحكم   باغلاقه  الابواب في وجه مامور التنفيذ، او عصيانه او مقاومته باستعماله لبعض الوسائل التي من شانها عرقلة تنفيذ  الحكم، فمثل هذه العقبات التي يضعها المنفذ عليه امام اعوان التنفيذ يمكن التغلب عليها والسيطرة عليها باستعمال القوة العمومية المامور بها في الصيغة التنفيذية المنصوص عليها في الفصل 433 من ق م. م (55) والتي لا تكون الاحكام قابلة للتنفيذ الا بعد ان تكون ممهورة بهذه  الصيغة.

ويقصد هنا،  بصعوبات التنفيذ، تلك الصعوبات المنصوص عليها في الفصل 149 م م (الحالي)  والفصل م م (القديم)  وهي التي تعرض على قاضي المستعجلات ليتخذ فيها اجراء وقتيا اما بايقاف  التنفيذ أو الاستمرار فيه، مستبعدين الصعوبات الموضوعية، الواقعية والقانونية، وهي تلك التي  تعرض  على قاضي الموضوع الذي اصدر الحكم المراد تنفيذه، في موضوع النزاع بحكم قطعي حسب ما نص عليه الفصل 22 م. م( قديم) والفصل 26 م. م ( الحالي ) كتلك المتعلقة بتاويل او تفسير الاحكام او تصحيح  بعض الاخطاء المادية التي تكون قد تسربت الى  الحكم لان مثل هذه الصعوبات  تتعلق بصعوبات جوهرية تمس الموضوع، ولا يهدف


مثيرها الى الحصول على اجراء مستعجل  او مؤقت بقدر ما يرمي من  وراء ما يثيره من اعتراض او  اشكال
الى جعل محكمة الموضوع تقرر ان هناك صعوبة في تنفيذ حكمها على وجه  معين (56).

والملاحظ انه طبقا للفصل 26  م م الذي راعى مقتضيات الفصل 149 م م فان عرض الصعوبة الموضوعية على محكمة الموضوع، لا يؤثر في اختصاص قاضي المستعجلات  في نظر هذه الصعوبة للبت فيها - باجراء وقتي تقتضيه حالة الاستعجال مع عدم المساس باصل الحق - بعدم جواز التنفيذ أو جوازه طبقا للفصل 149 م. م وذلك فيما اذا كانت هذه الصعوبة قد طرات قبل البدء في التنفيذ، وطالما ان  الصعوبة الموضوعية لم يقع البت فيها (57).

فالصعوبة الوقتية في التنفيذ ترمي الى اتخاذ اجراء مؤقت من طرف قاضي المستعجلات الى ان يقع الفصل في الموضوع، اما الصعوبة الموضوعية في التنفيذ فترمي الى الحصول على حكم في اصل هذه الصعوبة بصفة نهائي لا رجعة فيها الا عن طريق الطعن فيه بالاستئناف مع الحكم في موضوع الدعوى الاصلية اذا  كان  الحكم الصادر في شانها قابلا  للاستئناف ( الفقرة الثانية من الفصل 26 م. م).

والصعوبات الوقتية المتعلقة بالتنفيذ قد ترفع قبل البدء في التنفيذ بحيث لا يقيد قبولها بالشروع فعلا  في ممارسة اجراءات التنفيذ، بل يكفي  ان يكون المحكوم عليه مهددا بالتنفيذ من حين لاخر حتى ولو لم يسبق ذلك  الاجراءات القانونية التي تتطلبها مقتضيات التنفيذ لان مسطرة الصعوبة قد  قررت  دفعا لكل ضرر احتمالي  من شانه ان يقع نتيجة ممارسة التنفيذ ضد المحكوم عليه بصفة فعلية، فضلا  على ان المشرع في الفصلين 148 و149 لا يقيد رفع الصعوبة بزمن معين بل حدد الشروط  المطلوبة، في الاستعجال وعدم المساس  بالجوهر ما دام  المحكوم عليه مهددا بقوة التنفيذ  المشمول بها الحكم القابل للتنفيذ.

اما رفع دعوى الصعوبة الوقتية قبل تمام التنفيذ فشرط  اساسي لقبول الدعوى، ومرجع ذلك هو الفصل الاول من قانون المسطرة المدنية الذي يجعل المصلحة شرطا اساسيا لقبول الدعوى تحت طائلة عدم القبول ومن النظام العام، فالمصلحة في طلب ايقاف التنفيذ بسبب وجود صعوبة، او الاستمرار  فيه لانعدام أية صعوبة لا تتوافر الا اذا لم يكن التنفيذ قد  تم بالفعل، اما اذ ا تم التنفيذ  باجراءات باطلة او غير قانونية وتقدم المنفذ عليه بمقال بخصوص هذه المنازعة كن أمام صعوبة موضوعية.

ويجب كذلك لتبقى دعوى الصعوبة مقبولة ان يظل الطالب في حاجة الى اسباغ الحماية القانونية على مصالحه، فقبول الصعوبة منوط بعدم الفصل في  موضوع النزاع من طرف المحكمة المعروضة عليها الموضوع لان الحكم بصفة نهائية في الموضوع يغني عن اتخاذ الاجراء المؤقت بايقاف التنفيذ  وهذا  شرط يتعلق، كذلك، بالمصلحة في دعوى الصعوبة يثار كما  تثار الدفوع التي لها صلة بالنظام العام، لانه يتعلق بوظيفة القضاء  وسلطته في منح  الحماية القانونية لمن يحتاج اليها (58).

الا انه في الصور العادية فان الصعوبة لا تثار الا بعد الشروع في التنفيذ اما من  طرف طالب التنفيذ او من المنفذ عليه، او من مامور التنفيذ حسب الفصل 436 ق م. م.
ولا يشترط لاختصاص القضاء المستعجل للفصل في الصعوبات الوقتية المادية والقانونية، المتعلقة بالتنفيذ ركن الاستعجال لانها مستعجلة بطبيعتها رغم عدم دقة المشرع في الفصل149 حيث اورد عبارة " عنصر الاستعجال" فنعتقد ان تلك العبارة زائدة او انها جاءت بيانا لطبيعته تلك المنازعات لا شرطا لاختصاص القضاء المستعجل، لان مامور التنفيذ  مكلف قانونا بتنفيذ الاحكام القابلة للتنفيذ طبقا للصيغة التنفيذية، ولا يصح لاي احد ان يتعرض لمنعه من تادية واجبه الا اذا وجد مانع من الموانع القانونية يقتنع المامور بصحته فيوقف التنفيذ لذلك الاعتبار، وفي غير هذه الحالة لا يصح ايقاف التنفيذ بناء على مجرد ادعاءات المنفذ عليه. وفي الوقت نفسه ليس من العدل الاستمرار في التنفيذ مع ادعاء المنفذ عليه سببا قانونيا لا يصح معه التنفيذ، وحينئذ تكون حالة الصعوبة امرا مستعجلا بطبيعته يجب البت فيه بسرعة حرصا على المحافظة على القوة التنفيذية للحكم.

وتفريعا على ذلك، فان مدعي الصعوبة لا يطلب  منه اثبات عنصر الاستعجال ليبرر  له به مطلوبه لان الصعوبات تتضمن دائما خطرا داهما وضررا لا يمكن تلافيه اذا لجا الخصوم الى القضاء العادي (59).

ولتقريب فكرة الصعوبات الى  الاذهان نعطي بعض الامثلة  عن الصعوبات الواقعية والقانونية التي تثار لايقاف تنفيذ حكم أو تأجيله والتي نص عليها المشرع في الفصل 436 م. م دون ان نعطي معيارا او يضرب مثالا على ذلك، مما جعل القضاء يجتهد لتحديد بعض الحالات التي تشكل صعوبة واقعية وقانونية.

ومن يبن الصعوبات القانونية التي كرسها العمل القضائي ان يتقدم المنفذ عليه بطلب ايقاف التنفيذ في اطار الفصل 147 م. م، ولا تبث غرفة المشورة في طلبه خلال الاجل القانوني الذي حدده المشرع في 30 يوما، ويبقى خطر التنفيذ قائما، ففي هذه الحالة يوجد المنفذ عليه امام صعوبة قانونية مما يمكنه من اللجوء الى اثارة صعوبة قانونية طبقا للفصلين 1419 و436 م. م (60). ومن الصعوبات القانونية التي بلورها الفقه والقضاء ان تؤسس الصعوبة على أمر لاحق على الحكم المطلوب تنفيذه بدعوى انه  بعد تنفيذ الحكم فان المنفذ عليه قد قام بوفاء الدين المحكوم به او وقعت في شانه المقاصة او تم استبداله، او ان يقع  تغيير في المركز القانوني للمحكوم عليه كأن يقع افلاسه مثلا،  ومن الامثلة كذلك ان يدلي طالب التنفيذ لمامور التنفيذ بما يفيد ان الحكم اصبح نهائيا  في الوقت الذي يدلي فيه المنفذ عليه بما يثبت انه طعن في الحكم المرغوب تنفيذه، فهذا النزاع القائم بين طالب التنفيذ والمطلوب ضده التنفيذ يكتسي طابعا قضائيا صرفا يخرج عن صلاحية مامور التنفيذ ويندرج  تحت صلاحية قاضي المستعجلات بناء على صعوبة قانونية، وكمثال اخر ان يواصل مامور التنفيذ اجراءات التنفيذية في مواجهة المحكوم عليه رغم ان الحكم غير قابل للتنفيذ كان يكون غير مشمول  بالنفاذ المعجل ويطعن فيه باحدى طرق الطعن فيصر عون التنفيذ على مواصلة الاجراءات بدعوى ان الطعن كان خارج الاجل القانوني (61)..

اما الصعوبات الواقعية التي كثيرا ما تعترض المنفذ عليه فهي تلك التي ترجع الى  واقع الحال كان يامر الحكم او القرار بالقيام بعمل لا يمكن للمأمور القيام به شخصيا او بمساعدة القوة العمومية او كتلك الحالة التي تكتنف فيها ظروف التنفيذ بعض الصعوبات التي تخرج عن ارادة المنفذ عليه، كأن يجد مامور التنفيذ المحل المحكوم بافراغه، مثلا، قد  اقيمت فيه مراسيم الجنازة او حفل عرس، او كان يكون الحكم المطلوب تنفيذه متوقفا على شخص المحكوم عليه، كالأحكام المتعلقة بالقيام بعمل او الامتناع عن عمل، وكمثال على ذلك ان يصدر حكم على شخص  بالقيام به ويتطلب  تنفيذه التدخل الشخصي من طرف ذلك الشخص  كان يكون فنانا او تقنيا فتنفيذ الحكم لا يمكن  ان يتم الا بصفة شخصية من ذلك الفنان او ذلك التقني الذي عجلت المنية بوفاته قبل تنفيذ الحكم.

والى جانب الحالات التي اعتبرها القضاء صعوبات قانونية فان المشرع قد ضرب بعض الامثلة للصعوبات القانونية، فهكذا نص في الفصل 275 م. م على ان قاضي المستعجلات  يعين عند وجود صعوبة مادية في ايداع الشيء المعروض في كتابة الضبط كما نص في الفصل 468 م م على امكانية المطالبة بايقاف اجراءات البيع الى حين البت في استخراج الاشياء  المحجوزة  والمملوكة للغير من محضر الحجز، والحالة المنصوص  عليها في الفصل501 م. م المتعلقة بالحجز الاستحقاقي  حينما يتعرض الحائز على الحجز، فانه يمكن رفع الصعوبة امام السيد رئيس المحكمة الذي يامر بايقاف الحجز (62)، او ما نص  عليه الفصل 485 م م من حدوث صعوبة في وضع الاختام قبل او اثناء وضعها كغلق الابواب الخارجية.

الفصل 436،  وهي بالطبع تلك الصعوبات التي تتولد بعد صدور الحكم، أي اثناء مباشرة اجراءات التنفيذ، اما المسائل التي كانت قائمة قبل صدور الحكم  فلا يمكن ان يسبغ عليها طابع الصعوبة،  اذ بالامكان اثارتها على  شكل دفوع، فدعوى الصعوبة مقيدة بالوسائل والوقائع التي تثار او تنشا بعد الحكم او في  مرحلة التنفيذ (63).

كما انه لا يمكن وجود صعوبة في التنفيذ الا اذا كان التنفيذ جبريا اذ نصادف وضعيات في حياتنا العملية يتم  فيها التنفيذ دون حاجة الى سلوك اجراءات  جبرية،   مثل الوفاء الاختياري الذي  يتم باتفاق الطرفين، او كما  هو الحال بالنسبة  للسندات التنفيذية التي تنفذ دون الحاجة الى الاستعانة بمامور التنفيذ أو باستعمال القوة العمومية (64).

ج‌-   الحراسة القضائية :
من أهم التطبيقات العملية للقضاء المستعجل هي اجراء الحراسة القضائية، مما جعل المشرع في الفصل 149 م. م ينص عليها صراحة الى جانب الصعوبات المتعلقة بالتنفيذ والاجراءات التحفظية، التي تعتبر الحراسة القضائية من بينها، وذلك لابراز أهميتها القصوى لما تلعبه من دور كبير في توازن الحياة الاقتصادية نظرا لتشعب المعاملات المدنية وما  ينجم عنها من مشاكل وارتفاع كبير في حجم  المنازعات، فاقر المشرع نظام الحراسة القضائية رغبة منه في  تامين وتحصين حقوق الاطراف الى ان يقع الفصل في موضوع النزاع.

وتبرز أهمية الحراسة القضائية في الحلول العاجلة التي تقدمها  لصيانة المعاملات الكبرى والاستثمارات الواسعة التي تمخضت عن التطور الاقتصادي الحديث مما جعلها  تحتل المرتبة الاولى في الاجراءات التحفظية التي يمكن للقضاء المستعجل ان يتخذها، فهي افضل من الحراسة الاتفاقية التي تقلصت اهميتها  امام الحراسة  القضائية لما لسلطة القضاء من ضمان   سير اجراءات الحراسة على وجهها الصحيح. ولما تشكله الحراسة القضائية  من قيد مؤقت على حرية التملك، من جهة، ولما لها من اهمية خاصة، فاتى القضاء ليوازن بين حسنات الحراسة القضائية وشرورها فانه لا يتخذ اجراء الحراسة القضائية الا كلما دعت الضرورة القصوى الى ذلك، وكلما كانت هي الوسيلة الفعالة والايجابية للمحافظة  على مصالح وحقوق الاطراف فهي سلاح  ذو حدين يجب ان يحسن استعماله والا انقلب  الاجراء شرا واعطى نتائج عكسية على مصالح الاطراف أولا، وعلى الصالح العام أخيرا.

ومن خلال الفصل 818 ق ل ع يمكن ان نعرف الحراسة القضائية بانها اجراء تحفظي مؤقت لا يمس جوهر الحق، يتمثل في الايداع المادي للشيء محل النزاع بين يدي الغير،  ويامر به القضاء  بناء على طلب واحد او اكثر من ذوي الشان،  في حالة قيام النزاع بينهم على ملكية او حيازة منقول او عقار، او في الحالات الاخرى التي يحددها القانون (65).

أما عن الطبيعة  القانونية للحراسة القضائية  فقد اختلفت في شانها التشريعات ومنها  التشريعات العربية(66)، اذ اعتبرها البعض عقد وديعة، والبعض الاخر عقد  وكالة، وان احال المشرع بصدد الحراسة  القضائية على بعض احكام الوديعة الوكالة، فانه لا يمكن القول ان الحراسة القضائية هي نيابة قانونية وقضائية.  قانونية لان المشرع عرفها وحدد اطارها.  وقضائية لان القضاء المستعجل هو الذي يامر بها ويسندها الى الحارس القضائي ولا تحكمها  ارادة  الاطراف.


ومن صفات وخصائص الحراسة القضائية انها اجراء تحفظي ومؤقت ولا تمس باصل الحق. والملاحظ ان هذه الخصائص ليست هي كل الخصائص التي تطبع الاجراءات الاخرى المشابهة لها. كما انها ليست شروطا  لازمة لقيام الحراسة القضائية   بل هي ميزات تمتاز بها فضلا عن قيام شروطها  التي تتمثل في النزاع والخطر والاستعجال.

فهي اجراء تحفظي، كما ينص على ذلك الفصل 149 م. م، ويعني ذلك انها لا يصح ان تكون اجراء تنفيذيا، وان كانت ستعمل كثيرا لسد نقص القانون المتعلق بطرق التنفيذ واجراءاته،  حتى انه في حالة  تقريرها لمنع المدني من اخفاء ماله او  التصرف فيه إضرارا بالدائن يجب اعتبارها إجراء تحفظيا لان الغاية منها هي حفظ الرهن العام ليتمكن الدائن من استيفاء دينه من اصله (67).

وهي كذلك، إجراء مؤقت، كما ينص على ذلك الفصل 152 م م،  ويعني ذلك ان الأمر  القاضي بالحراسة القضائية من قبل الأحكام الوقتية التي تبقى آثارها طالما ان الظروف التي فرضتها لا زالت قائمة، ولا يعني هذا
ان هذه الاوامر الوقتية ليست لها حجية الشيء المقضي، بل  هي ذات حجية نسبية كغيرها  من الاحكام الوقتية (67) م. فيبقى لهذه الاوامر حجة ما بقيت الظروف التي استدعها، وتزول لها  الحجية في الوقت الذي تستجد   فيه وقائع أخرى جديدة من شانها ان تغير من الظروف السابقة التي تولد منها النزاع، ومن مركز الخصوم، كما ان هذه الوقتية تفتح الباب امام المتضرر في الحالة التي يرفض طلب حراسته بالرجوع الى نفس الجهة القضائية للمطالبة بايقاع الحراسة القضائية،  اذ الامر الصادر برفض طلب الحراسة  لا يكتسي الحجة المقضية الا في حدود ضيقة تتحكم فيها الظروف. وبالرغم  من ان امر الحراسة القضائية وقتي الا انه قطعي ملزم بما يقضي  به بين الخصوم وله حجيته امام القاضي  الذي اصدره طالما  لم تتغير الظروف او المركز   القانوني للاشخاص.

وهي أيضا، بناء على  الفصل 152 م. م، اجراء لا يمس   بما يمكن ان يقضي به في الجوهر،  بمعنى ان الامر بالحراسة القضائية لا يمكن ان ينفذ الى اصل الحقوق  والالتزامات والاتفاقات مهما كانت محفوفة  بالمخاطر وتوفر  عنصر الاستعجال، فتعيين الحارس القضائي لا ينم عن راي المحكمة حول ما ستحكم به في موضوع  النزاع،  كما انه لا يجوز منحه سلطات من شانها المساس بجوهر النزاع.

اما شروط الحراسة القضائية،  فهي غير خصائصها كما سبق القول، اذ لا تفرض الحراسة القضائية الا في حالة قيام نزاع جدي في شان المال موضوع النزاع وتوافر الخطر  ان بقي المال تحت يد الحائز.
فالنزاع الذي يبرر وضع المال تحت الحراسة القضائية يجب ان يكون جديا ومتعلقا مباشرة بالشيء المطلوب وضعه تحت الحراسة، بمعنى ان يكون النزاع مبنيا على اساس سليم وصحيح تؤكده المستندات وتحقق وجوده وقائع الدعوى (68).

هذا فانه لا يشترط  لقيام هذا الشرط  ان يكون النزاع في الجوهر محالا على المحكمة كما نص على ذلك المشرع المغربي  في الفصل 149 م. م، فحسم بذلك الغموض الذي كان سائدا في التشريع المغربي القديم الذي جاء صامتا عن تلك القاعدة مما جعل القضاء ينقسم على نفسه بخصوص اشتراط او  عدم اشتراط احالة النزاع على محكمة الموضوع.

والنزاع الجدي مسالة مرنة وعامة ومطلقة كما تبين من عموم لفظ " النزاع" الذي نص عليه المشرع المغربي في الفصل 818 ق ل ع مما جعل ذلك النزاع يتسع لاحتواء حالات عديدة يستطيع من خلالها  القضاء ان يواجه احوال الحراسة القضائية العديدة.

وقد اضاف القضاء المغربي الى  حالة وجود نزاع جدي حالة كون الحق غير ثابت (69) مما جعل القضاء يسد  النقص الذي تخلل التشريع المغربي على خلاف بعض التشريعات العربية الاخرى التي اقرت ذلك،  كالمصري في المادة 729 قانون مدني، والمادة 695  سوري و720 قانون لبناني.
ويقصد بكون الحق غير ثابت ان الحق موجود لكنه ليس ثابتا او مستقرا كالنزاع حول التركة التي لم تصف بعد بين الورثة، فالحق موجود لان للورثة الحق في التركة، لكن هذا الحق غير مستقر وغير ثابت.

ولا جدال ان لقاضي المستعجلات كامل السلطة التقديرية لتقدير قيام النزاع والقول بانه جدي دون ان يخضع في ذلك لرقابة المجلس الاعلى لان ذلك يدخل في المسائل الموضوعية التي يستقل القاضي بتقديرها(70)، اما شرط الخطر (71) فلم يتعرض له المشرع المغربي صراحة كما فعل بالنسبة لشرط الاستعجال الا انه، كما سبق القول عند تعرضنا للاستعجال، ان الاستعجال لا يقوم الا اذا كان هناك خطر، فالاستعجال يستغرق عنصر الخطر،  وبذلك لم يشر اليه المشرع المغربي صراحة.

وكما هو الحال بالنسبة للنزاع فان الخطر يجب ان يكون كذلك، جديا، ويرجع تقديره الى السلطة التقديرية للمحكمة، فالخطر يتعلق بظروف الدعوى ووقائعها، ولا يخضع في ذلك لرقابة المجلس الاعلى.
ولما كانت الحراسة تدبيرا استثنائيا  خطيرا فانها لا تتخذ الا اذا كانت هي الوسيلة الوحيدة لصيانة الحق، وهذا ما اكده المجلس الاعلى في قراره عدد 323 بتاريخ 6/8/1968(72) وسارت عليه المحاكم الابتدائية اذ جاء في حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء :
" اذ  كان من الثابت من وثائق الملف، ان طالب الحراسة القضائية لم يبرز في طلبه عنصر الخطر الحاصل الذي يهدد الحق المراد المحافظة عليه، وانه سبق له ان استصدر قرار باجراء حجز تحفظي على ذات الحق، وهو كفيل بحمايته ، فلا داعي للامر بالحراسة  القضائية التي تعتبر من الاجراءات الخطيرة التي لا يمكن الامر بها  الا في الحالة التي تكون هي الوسيلة الوحيدة والصالحة للمحافظة على الحق (73).

فيكون القضاء قد سد مرة اخرى النقص الموجود في التشريع المغربي  كبقية التشريعات العربية الاخرى، الا ان هذا لا يمنع الجمع بين الحراسة القضائية وبين بعض الاجراءات الاخرى التي لها وظائف تختلف عن وظيفة  الحراسة  القضائية كما هو الامر مثلا، بالنسبة للحجز التحفظي، اذ يمكن اجراء الحراسة القضائية الى جانب ايقاع الحجز التحفظي اذا كان  هذا الحجز  غير كاف لصيانة الحق، أما اذا  اتخذت الحراسة القضائية  وكانت كافية لحماية الحق فلا مجال لايقاع الحجز التحفظي  لان ذلك يغني عن اتخاذ أي اجراء اخر.

بقي سؤال من المفيد ان نطرحه هو هل يجوز تنفيذ امر الحراسة القضائية على  العقارات والمنقولات الموجدة  بالخارج ؟

ان اوامر الحراسة القضائية اذ تعد حائزة لقوة الشيء المقضي به طالما تواجه صيانة حالة معينة مشروعة كانت موجودة قبل النزاع، آو حفظ حالة قانونية قائمة، وما دامت ان الظروف التي قامت  عليها لم يدخل   عليها أي تغيير مادي آو قانوني، فهي تخضع لنفس القواعد التي تخضع لها الاحكام القطعية التي يراد تنفيذها في الخارج.

وعليه  فيجوز تنفيذ أمر الحراسة القضائية على العقارات والمنقولات الموجودة بالخارج التي تخضع لشروط المعاملة بالمثل او شرط التبادل  المنصوص عليها في ظهير12 غشت 1913 المتعلق بالوضعية المدنية للفرنسيين والاجانب بالمغرب (74).


ــــــــــــــــــــــــــــــ
1)   عبد الهادي عباس محامي فرع دمشق: الامور المستعجلة في القضاء الإداري منشور بمجلة "المحامون" العدد 7، السنة 1985 ص 850.
2)   عبد الباسط  جميعي: نظرية الاختصاص، قانون المرافعات الجديد وتعديلاته ص 123، دار الفكر العربي سنة 1975.
3)   قرار المجلس الاعلى  عدد 140 بتاريخ  21/4/1971 منشور بقضاء المجلس الاعلى عدد21.
4)   منشور رقم 283 بتاريخ 2/3/1966، الملحق القضائي عدد 7-8 بتاريخ فبراير 1983.
5)   راجع تعليق الدكتور وجدي راغب على  رسالة الدكتورة امينة النمر تحت عنوان " مناط الاختصاص والحكم في الدعاوي المستعجلة"  وهي رسالة لنيل الدكتوراه قدمت لكلية الحقوق  جامعة الاسكندرية -  منشاة  المعارف،  والتعليق  منشور  بمجلة العلوم   القانونية والاقتصادية الصادرة عن اساتذة كلية الحقوق بعين شمس السنة العاشرة ص 621.

6)   نقلا عن محمد العشماوي وعبد الوهاب العشماوي في قواعد المرافعات  في التشريع المصري والمقارن، مارس1975 ص243.
7)   معوض عبد التواب في الوسيط في قضاء الامور المستعجلة منشاة المعارف 1984 ص11 ماخوذ من محمد عبد اللطيف : القضاء المستعجل 1977 دار النهضة العربية ص 10.
8)   من تسجيل رهن عقاري  او تسجيل رهن على الأصل التجاري او توجيه إنذار إلى مدين، او إحصاء  منقولات متنازع في شانها  وضع الأختام عليها أو اجراء خبرة قبل فوات الاوان.
       راجع نور الدين الجزولي :  القضاء المستعجل منشور بمجلة  المحامي الصادرة عن هيئة المحامين بمراكش العدد الثالث ص226

9)   عبد الهادي عباس م. س.
10) مفهوم المخالفة للفصل 18 من ق م م  الذي يعطي الولاية العامة للمحكمة الابتدائية، راجع كذلك  محمد علي رابت قاضي الامور  المستعجلة الطبعة 6، عالم الكتب  هامش 4 الصفحة 8، ساتعرض لهذه النقطة في المحور المتعلق بعلاقة القضاء المستعجل بالقضاء بصفة عامة.
11) راجع محمد عبد اللطيف، القضاء المستعجل الطبعة الرابعة 1977 ص 57 نبذة 42، هامش نفس الصفحة، راجع كذلك التعريفات العديدة " للاستعجال"  التي استعرضها معوض عبد التواب في وسيطه م س ص 14.

12) وجدي راغب  فهمي في شروط اختصاص القاضي المستعجل، تعليق على حكم منشور بمجلة "المحامي"  الصادرة عن جمعية المحامين الكويتية السنة  الخامسة، يوليوز  - غشت 1982 ص 118.
13) محمد عبد اللطيف م. س. ص 58.
14) للقول بتوافر الاستعجال ليس ضروريا ان يكون الضرر قد   تحقق فعلا، فيكفي  ان تكون مصالح المدعى امام القضاء المستعجل معرضة للخطر حقا،  راجع يوسف جبران " الانسان والحق والعروبة"، بيروت ص27.



15) راجع محمد علي راتب بحث في الاستعجال وتعريفه  وماهيته في الامور المستعجلة،  منشور بمجلة المحاماة المصرية، العدد الثاني، السنة السادسة  عشرة ص 238.
16) يراجع بخصوص بعض  هذه المقتضيات " ملاحظات حول قانون المسطرة المدنية بعد تجربة عشر  سنوات" تقرير اعده الاستاذان  عبد المالك التبر وعبد الله درميش   وقدم من طرف هيئة المحامين بالدار البيضاء للمؤتمر الثامن عشر لجمعية  هيئات المحامين بالمغرب 27 و28 و29   - يونيو - 1985 فاس.
17) ادريس العبدلاوي القضاء المستعجل  في التشريع المغربي منشور بمجلة كلية الحقوق بمراكش العدد الثاني.
18) راجع عبد الباسط جميعي م. س.

19) خالد المالكي: قاضي الامور المستعجلة في التشريع السوري منشورات فرع نقابة المحامين بدمشق 1979.
20) راجع مصطفى مجدي هرجة: الجديد في القضاء المستعجل  دار الثقافة  للطباعة والنشر القاهرة 1981 ص 72، راجع كذلك في نفس المعنى محمد عبد اللطيف م س ص 60 وخالد المالكي  م س ص 71 مع بعض الاختلافات امام محكمة  الاستئناف التي يستجد امامها  عنصر الاستعجال الذي لم يكن متوفرا امام محكمة  الدرجة الاولى،  أذ يرى هذا الراي الاخير غياب عنصر الاستعجال.
21) راجع يوسف جبران م س  ص 42، راجع كذلك عبد اللطيف مشبال حول اختصاص قاضي المستعجلات مجلة رابطة القضاء  العددان 12 و13 وص 130.
22) حكم عدد 248 بتاريخ  27/5/1970 منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 18 ص22 وكذلك مجلة  القضاء  والقانون عدد118، وقد صدر هذا  القرار بمناسبة الفصل 219 ( قديم) من ق م م الذي يوافقه الفصل 149 من ق م م  الحالي.
23) قرار  203 بتاريخ 15/4/1976 منشور بقضاء المجلس الاعلى عدد 2 السنة 3 ص23.
24) قرار رقم 248 منشور  بمجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 18 ص 22،  راجع كذلك  كثيرا من الاحكام الأجنبية في يوسف جبران م س ص 41 ويرى  يوسف جبران ان تقدير الاستعجال مسالة يختلط فيها الواقع بالقانون.
25) راجع التقرير السابق المقدم من طرف هيئة المحامين بالدار البيضاء لمؤتمر المحامين الثامن عشر بفاس.
26) راجع تفصيل هذه النقطة في رسالتنا " التحكيم  الدولي  في المواد التجارية" ص 135 وهي رسالة دبلوم الدراسات العليا قدمت  لكلية  الحقوق بجامعة الحسن الثاني  بالدار البيضاء سنة 1984، راجع كذلك عدة احكام اجنبية، اشار اليها يوسف جبران م س ص 43.
27) قرار 787 بتاريخ 14/6/1976،  قضاء المجلس الاعلى عدد 25 ص 60.
28) خالد المالكي م س ص 81 راجع كذلك تعليق حسن عكوش على نظرية عدم المساس باصل الحق في المرجع السابق الجزء الاول الصفحة 21، وكذلك  محمد وعبد  الوهاب العشماوي م س ص 276. راجع الامر الاستعجالي عدد 1286 بـ 10/11/68 ملف عدد 127 المحكمة الاقليمية بالرباط  مجلة المحاماة  العدد 1 ص56  تعليق الاستاذ ادريس المراكشي.
29) راجع  وجدي راغب فهمي في التعليق السابق المنشور بمجلة المحامي الكويتية، الى الاحكام الكويتية  التي اشار اليها.
30) هذه الفقرة مأخوذة من وجدي راغب فهمي، التعليق السابق المشار اليه في الامر اعلاه.
31) ادريس العلوي العبدلاوي " قضاء الامور المستعجلة في التشريع المغربي" المجلة المغربية للقانون المقارن العدد الثاني في سنة 1983 ص 25.
32) قرار 769 يناير15 (12) 1975 منشور  بمجلة القضاء المجلس  الاعلى عدد 29 ص19.
33) راجع تفصيل هذه الملاحظة في محمد عبد اللطيف م س ص 84 راجع كذلك عبد الله الشرقاوي، صعوبة تنفيذ الاحكام والقرارات، مجلة القضاء القانون عدد 128 ص 31.
34) راجع بخصوص المنازعة الجدية قرار لمجلس الاعلى عدد 493 بتاريخ 22/12/78 مجلة المحاماة عدد 14 ص 212 وكذلك القرار 517 بتاريخ 29/12/78 نفس المجلة ص 224.
35) عبد  الباسط جميعي م س ص 128.
36) قرار مدني عدد 399 بتاريخ 5/4/1972  مجلة القضاء والقانون عدد 122 ص49. راجع كذلك قرار 424 بتاريخ 12/4/1972 مجلة القضاء والقانون عدد 124 ص 161 وكذلك  القرار 303 بتاريخ 4/6/1975 مجلة القضاء والقانون عدد 127 ص75.
37) قرار 438 بتاريخ 11/6/1973  مجلة المحاماة عدد 14 ص217 راجع تفصيل  هذه النقطة في محمد  عبد اللطيف م س ص 463.

38) راجع مجلة " المحامي" الصادرة عن هيئة المحامين بمراكش العددان الاول والثاني مناقشات  بين الأستاذين شهيدي محمد وعبد الرفيع  الجواهري.
39) انظر  خلاف  ذلك ما جاء في الامر الاستعجالي  الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء تحت عدد 847587  بتاريخ 13/6/1984 اذ قضى هذا الامر بمعاينة لبعض الشواهد الطبية واستجواب   حول بعض العناصر التي لها علاقة بالدعوى العمومية ( امر غير منشور)  وانظر كذلك القرار الحديث الذي صدر في قضية تشريح جثة سليمان خاطر.
قالت المحكمة الامور المستعجلة بالقاهرة :
"ان البادي من ظاهر الاوراق ان صحيفة الدعوى الاصلية  لم تعلن  للمحكوم ضدهم وهم المستشكلون، فيكون الحكم المستشكل في تنفيذه قد بات معدوما لصدوره في خصومة لم تنعقد على الوجه المقرر قانونا ولا يجوز هذا  الحكم اية حجية".
وكانت ادارة قلم قضايا الحكومة قد استشكلت في الحكم وقالت في عريضة الاشكال "ان الحكم المستشكل  فيه باطلا بطلانا يصل الى حد الانعدام لمخالفته الصارخة  لاحكام القانون المتعلقة
بالنظام العام لان ادارة قلم قضايا الحكومة لم تعلن بعريضة الدعوى الاصلية، ومن ثم فان الخصومة لم تنعقد وبذلك يكون الحكم قد صدر في  غير خصومة وان الاحكام المعدومة لا تصلح اداة للتنفيذ لانها عديمة الاثر القانوني.
واضافت ادارة قضايا الحكومة في مذكرتها :
ان هذا الحكم صدر من محكمة  لا ولاية لها لان الامر معروض على جهة قضائية، هي جهة القضاء العسكري وهو امر فيه  اعتداء صارخ  على الجهة القضائية التي تتولى التحقيق.
40) مثال ذلك الفصول 59 و61 و79/2 و89 و108 و176 وغيرها كثير.
40 مكرر) راجع خلاف ما سارت  عليه محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في القرار  الصادر بتاريخ 28/10/85 في الملف عدد 27/85.
41) راجع محمد عبد الوهاب عشماوي م س ص 287.
42) راجع عبد الله درميش في تعليقه على قرار صادر عن المجلس الاعلى يخالف هذه القاعدة منشور بمجلة المحاكم المغربية العدد 26 ص39.
43) قرار محكمة الاستئناف الصادر بتاريخ 25/3/1949 مشار اليه في بحث الاستاذ الشاهد الوزاني :  الاعتداء المادي الإداري واختصاص قاضي المستعجلات، منشور  بالمجلة المغربية للقانون العدد الثالث سنة 1985  ص 1960.
44) يراجع تفصيل هذه القاعدة  في تعليق الاستاذ يحيى خير الدين على حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بتاريخ 31/5/1979 في القضية عدد 377 س 13 ق تحت عنوان القضاء المستعجل في العقود الإدارية منشور بمجلة " ادارة قضايا الحكومة" السنة الثالثة العدد الاول ص 104.
45) راجع عبد الهادي عباس م س ص 856.
46) مصطفى مجدي هرجة، م س ص21.
47) راجع في عبد الله درميش في رسالته لنيل دبلوم الدراسات العليا في موضوع " التحكيم الدولي في المواد التجارية" مقدمة لكلية الحقوق بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء سنة1984 ص 150".
48) محمد علي راتب ومن معه م س ص 17.
49) راجع المناقشة التي وقعت بخصوص هذه النقطة بين الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف بالرباط الاستاذ عبد الواحد  الجراري في موضوعه" اتجاهات في العمل القضائي الاستعجالي" منشور بالملحق  القضائي العدد14 ص11، وبين الاستاذ رشيد العراقي المستشار بالمجلس الاعلى الملحق القضائي عدد15.
50) راجع عدة قرارات في الموضوع اشار اليها الاستاذ رشيد العراقي م س هامش  ص 20 راجع القرار الصادر في الملف عدد 92331 الغرفة 1 ( غير منشور).
51) راجع تفصيل هذه المسالة في محمد علي راتب ومن معه م. س. ص 386.
52) نور الدين الجزولي م س
53) راجع عبد الباسط جميعي، طرق التنفيذ اشكالاته ص 164، دار الفكر العربي 1967  - 1968، راجع كذلك  مختلف التعريفات التي أوردها الأستاذ عبد الله  الشرقاوي في مقاله :  صعوبة تنفيذ الاحكام والقرارات المنشور بمجلة قضاء القانون تحت عدد 128 ص 24.
54) منشور رقم 283 بتاريخ 2/3/1961 السابق الاشارة أتليه.
55) عدل هذا الفصل بظهير 222-82/1 بتاريخ 9 محرم 1405 ( 5/10/1984) الجريدة الرسمية 3771 بتاريخ 6/28/1985.
56) راجع الاستاذ المنتصر الداودي، الصعوبات والاشكالات الناتجة عن التنفيذ  منشور بمجلة رابطة القضاة السنة 20 العددان 8 و9.
57) رشيد العراقي  في اتجاهات في العمل القضائي الاستعجالي م س ص 24.
58) أمينة مصطفى النمر، قوانين المرافعات، الكتاب الثالث، منشاة المعارف 82 ص283.
59) راجع الحكم الهام الصادر في الاستئناف المستعجل رقم 16/1982 بتاريخ 12/4/82 بمحكمة الاستئناف بالكويت، منشور بمجلة المحامي الصادرة عن جمعية المحامين الكويتية، السنة الخامسة العددان نونبر وجنبر1982.
60) قرار رئاسي بتاريخ 10/9/1979 في الملف عدد 607/69 بمحكمة الاستئناف بالرباط اشار اليه الأستاذ الجراري في المرجع السابق ص 23.
61) راجع القرار الرئاسي عدد 82 بتاريخ  10/4/84 في الملف عدد 82/84 (غير منشور) راجع كذلك القرار الرئاسي  بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 69 بتاريخ 28/3/1984  في الملف عدد  61/84 (غير منشور). راجع كذلك امر رئاسي استعجالي بتاريخ 6/1/1986 في الملف 217/85 أمر عدد 1/1986  بالدار البيضاء ( غير منشور).
62) راجع المنتصر الداودي في المقال السابق.
63) عبد الواحد الجراري، هل يختص القضاء المستعجل  بايقاف التنفيذ المستعجل المامور به خطا الملحق القضائي السنة الثالثة العدد 6 ص684، راجع الامر الرئاسي لرئيس محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في الملف عدد 77/83 بتاريخ 3/5/1983 وهو غير منشور  جاء فيه :
" ان ما يشكل صعوبة في التنفيذ هي الاسباب الجديدة او الوقائع الطارئة التي لم يقع الاحتجاج او التمسك بها  اثناء نظر الدعوى".
64) مثل ذلك كالحكم الصادر بتسجيل  عقد بيع او الاحكام المنشئة للحقوق كما هو الامر بالنسبة للاحكام  المتعلقة بالحالة المدنية او الجنسية او غيرها.
65) عبد اللطيف هداية الله : الحراسة القضائية في التشريع المغربي،  رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا قدمت لكلية الحقوق بجامعة الحسن الثاني سنة 1982 ص 82.
66) راجع هذه الاختلافات في هداية الله م س ص 20  وكذلك  جبران يوسف م س ص 116.
67) يوسف جبران م س ص 122.
67  مكرر الاجتهاد الرئاسي عدد 205 بتاريخ 28/6/82 الدار البيضاء مجلة المحاكم 23 ص55.
68) راجع الاوامر الاستعجالية التي تبلور هذا الشرط في هداية الله  م. س هامش ص 68.
69) بعض الاوامر  هداية الله ص 73.

70) قرار المجلس الاعلى  عدد 489 بتاريخ 30/7/1980 ملف مدني 78851 مجلة رابطة القضاة عدد 4-5.
71) راجع في هذا الموضوع تعليق اسماعيل مجدي المحامي على حكم  محكمة اسيوط الاستئنافية رقم 473 في شان نزاع بين القسيس مع الدار البطريركية على ملكية كنيسة، منشور بمجلة المحاماة   المصرية السنة الثامنة العدد الاول ص 129.
72) مجلة المحاماة المغربية عدد 1 ص43.
73) مجلة المحاكم المغربية، 30 ص65.
74)       راجع اسكندر سعد زغلول المحامي، مجلة المحاماة المصرية العدد الخامس السنة 48 ص54، راجع كذلك نص المحاضرة  التي ألقيتها بمكتب المحامين الشباب والمنشور الجزء الاول منه بمجلة المحاماة المغربية العدد 20 ص 56، راجع كذلك فكرة الخطر في التدابير الوقتية، وجدي راغب فهمي، " نحو فكرة عامة للقضاء الوقتي في قانون المرافعات م س ص 23.



عبد الله درميش محامي بهيئة الدار البيضاء

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : القضاء الاستعجالي